أيمكن مقاضاة (سكرتير) الأمم المتحدة لمنعه نشر تقرير “الأسكوا”؟

مقدمة

كتب لي أحد الأصدقاء بعد قراءته مقالي السابق “لماذا لا يقاضي الإنسان العربي” يسأل: “تعقيباً على مقالتك بخصوص التقاضي هل هناك امكانية لمقاضاة الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص معارضته نشر تقرير الاسكوا ؟” وهذا السؤال يقتضي أن نفهم ما هو دور “الأمين العام ” للأمم المتحدة كي يمكننا الرد.

فمنظمة الأمم المتحدة هي هيئة اتفقت الدول على تشكيلها من أجل تنظيم العلاقات ما بينها وحسم النزاعات. وهي بهذا لا تمتلك سلطة الهية بل هي هيئة تخضع لبنود العقد الذي اتفق عليه الإعضاء والذي عرف بـ “ميثاق الأمم المتحدة” (الميثاق). والميثاق شأنه في ذلك شأن أي عقد بين أطراف متعاقدة تنظم تطبيقه قواعد قانونية. فالعقود بين الناس ينظمها القانون المدني الذي تم العقد تحت سلطته. أما الميثاق فينظم تطبيقه قواعد القانون الدولي والتي اتفقت الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة على أن مصادر القانون الدولي هو ما جاء في المادة (36) من دستور محكمة العدل الدولية والذي هو، أي الدستور، ملحق ومتمم للميثاق.

وهذه الحقيقة ليست واضحة عند جمهور الناس وأخص منهم العرب. فيعتقد عدد كبير منهم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن قادران على اصدار أي قرار يكون ملزماً للجميع. وهذا اعتقاد خاطئ، ذلك لأن القرار الذي يصدر خلافا لقواعد القانون الدولي غير ملزم لأحد ويعد باطلاً ولو صوت عليه مجلس الأمن أو الجمعية العامة بالإجماع. فقرارات الحصار التي فرضت في العقود الثلاثة الماضية بشكل متميز كلها باطلة وان ادعت دول العدوان شرعيتها.

(المزيد…)

Continue Reading أيمكن مقاضاة (سكرتير) الأمم المتحدة لمنعه نشر تقرير “الأسكوا”؟

لماذا لا يقاضي الإنسان العربي حين تعجز حكومته؟

مقدمة

أعتقد أني من القلة العرب الذين يعتقدون بأن القانون والقضاء سلاح له أهمية في أية معركة. وهذا ينطبق على أمتنا المهزومة. وحين أقول هذا فلست من السذاجة حتى أقول بأنه سوف يحقق المعجزات ولست من الغباوة حتى أعتقد أنه لا ينفع. فالقضاء مسيس دون شك خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالعلاقات الدولية. لكن لكل شيء حدود ومن تلك الحدود أن الظلم والعدوان قد يكون بالدرجة التي لا يمكن للقضاء ستره وتجاهله.

لكن هذه الأمة لا تعرف قيمة القانون والقضاء لأنها نشأت وتربت على طغيان الحاكم منذ الدولة العثمانية مروراً بالإستعمار المباشر حتى الحكم “التقدمي” الذي فشل في فهم التأريخ وفشلت جماهيره في فهم معنى الثورة والتقدم.

فقد سلبت فلسطين كلها عام 1948 (وليس عام 1967 كما يعتقد البعض) ولم يقم أحد بمقاضاة بريطانيا على ما فعلت بالناس وأملاكهم. وحين وصل موضوع الجدار العازل أمام محكمة العدل الدولية، في إجراء نادر، جاء القرار بادانة اسرائيل مما يعزز قولي بجدوى المقاضاة.

وقامت حرب 1967 ولم يقاض أحد اسرائيل أو من دعمها في الغرب.

وحوصر العراق حصار إبادة ولم تتقدم حكومة العراق بشكوى!

(المزيد…)

Continue Reading لماذا لا يقاضي الإنسان العربي حين تعجز حكومته؟

ما الذي سيفعله “ترامب” في منطقتنا؟

مقدمة

حين كتبت قبل اسابيع مقالي “ما الذي يعنيه انتخاب “ترامب” لنا؟ قلت إن سياسة أمريكا المتوقعة في منطقتنا سوف تتضح معالمها في من يختاره الرئيس الجديد لوزارة الخارجية، وان كان ذلك مؤشراً وليس فيصلاً.

أعود اليوم لأتوقف قليلاً عند ما استجد في هذا.

فقد اختار “ترامب” ثلاثة أشخاص لمناصب مهمة سيكون لها دور رئيس في علاقات أمريكا مع العالم عامة ومعنا خاصة.

فقد اختار “ترامب” حاكمة ولاية جنوب كارولاينا “نيكي هيلي” سفيرة لأمريكا في منظمة الأمم المتحدة. وهي ليست ذات خبرة في العمل السياسي الدولي لكن اختيارها يحمل أكثر من رسالة. فهي امرأة ومن اصل آسيوي فأبويها من الهنود السيخ رغم أنها تزوجت نصرانياً وتنصرت حسب ما أعلنت. وقد يكون “ترامب” ساعياً في تعيينها في هذا الموضع الحساس أن يرد عددا من الإتهامات في تعصبه ضد المرأة وفي العنصرية. وقد يكون طامعاً في أنها ستكون صوتاً مقبولاً في دول العالم الثالث. فبرغم ان ممثل أمريكا في الأمم المتحدة لا يقرر سياستها الخارجية لكن العلاقات بين الناس لها دور في كل شيء. ولا بد من التذكير بان قادة الصهيونية رحبوا بوصول “هيلي” لسببين أولهما دعمها لإسرائيل وثانيهما فهمها لأزمة التطرف الإسلامي، وقد يلعب عامل العداء التأريخي بين المسلمين والسيخ في القارة الهندية دوراً في هذا! (المزيد…)

Continue Reading ما الذي سيفعله “ترامب” في منطقتنا؟

من فاز في مؤتمر موسكو الأخير؟

ما كنت لأكتب هذا حيث إني أكره التكرار وقد اضطر لتكرار بعض ما كتبته قبل أسبوع. لكني سمعت من أحد أصدقائي والذي اعده عالماً ببطائن الأمور قوله إن نتائج مؤتمر موسكو الأخير كانت في صالح الدولة السورية. فقلت في نفسي إذا كان هذا حال صديقي العارف فما هو حال من لا يعرفون.

إن مؤتمر موسكو الأخير وقراراته كانت ضد مصلحة سورية وبرغم أنفها!

لا أقول هذا لأن عندي معلومات عما دار وما لم ينشر لكنني ألحظ الإشارات وأبني عليها. تعالوا معي نجمع عددا من الملاحظات ثم نقرأها معاً ونستخرج منها العبر. (المزيد…)

Continue Reading من فاز في مؤتمر موسكو الأخير؟

ليس لسورية غير الحل العسكري

لم أكتب كثيرا عن خراب سورية في السنوات الخمس الماضية ليس تقاعساً ولكن لأن جديداً لم يقع حيث ما زالت المعركة هي كما بدأت باسبابها وأدواتها. وما زلت أؤمن كما كتبت منذ أربع سنوات أن الحل الوحيد في سورية هو الحل العسكري بمعنى أن خراب سورية لن يتوقف حتى ينتصر طرف على آخر. فقد كتبت هذا حين كان الحديث على أشده من أغلب الأطراف والمعلقين بضرورة اللجوء للحل السلمي لأنه الحل الوحيد. وما زلت اليوم على ذلك الرأي!

وليست هذه القناعة نابعة عن رغبتي في استمرار الخراب في سورية بل على العكس من ذلك فان أي سوري يقتل هو ضياع من هذه الأمة وأي بناء يهدم فهو ضياع من موجودات هذه الأمة. لكن قناعتي بأن الحل العسكري وحده هو الممكن ناتج عن فهمي لحقيقة المعركة وطبيعتها.

وأمس أغناني أحدهم عن الحاجة لكتابة مقال طويل كي أبين ذلك فيقتنع من اختار أن تكون على عينيه غشاوة. إذ قال اللورد ريتشارد وهو رئيس أركان الجيش البريطاني بين عامي 2010-2013 للإذاعة البريطانية: “إن على بريطانيا أن تقبل بأن الغرب خسر الحرب في سورية…….فقد تمكن فلاديمير بوتن وبشار الأسد  من التغلب على امم الغرب بخططهم الواضحة.”

(المزيد…)

Continue Reading ليس لسورية غير الحل العسكري

وأخيراً رحل البطل

إن التأريخ لا يصنع الأبطال، إنما يصنع الأبطال التأريخ.

فتحت ابواب السماء هذا الصباح لتستقبل أحد أحبتها لتودعه الجنة بمفهومها الديني والعقلاني. فاذا كانت الجنة ليست لفيدل كاسترو فهي ليست قدراً مجيداً ولن يستحقها عظيم فاذا لم تكن مع من ينصر الحق فلمن هي اذن!

فقليلة هي اللحظات في تأريخ البشرية وهي تودع عملاقاً مثل هذا الرجل الذي ليس من باب المبالغة أن يوصف بأنه من أكبر رجال القرن العشرين تأثيراً في الناس…. وقليل من الرجال في تأريخ البشرية يشمخ في أن الناس تحصي عليه العيوب لقلتها (كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه).

والتحق كاسترو اليوم بعملاقين من رجال القرن العشرين في العالم الثالث وهم الثلاثة (عبد الناصر ومانديلا وكاسترو) الذين لا يرقى لتأريخهم آخر من جيلهم. وحين تعبر القرون سينسى الأخرون ويقرأ اللاحقون كيف أثر هؤلاء، كل في دائرته وعالمه، تأثيرا غير وجه التأريخ.

لست أكتب لأحصي محاسن الرجل ودوره، إنما أنعيه للبقية من الثوار في عالمنا العربي (وقليل ما هم)، نتعلل بذكره في زمن طغى فيه التخلف والجهل حيث يتقاتل العرب في حرب لم تحسم قبل ثلاثة عشر قرناً.

لكن لا بد من وقفة عنده لأن حياته ودوره جديران بالتأمل. فهذا الرجل نقض كثيرا من النظريات السياسية والإجتماعية التي تعارف عليه الناس وقبلوها. (المزيد…)

Continue Reading وأخيراً رحل البطل

ما الذي يعنيه انتخاب “ترامب” لنا؟

مقدمة

لا يختلف الناس اليوم على ان انتخاب ترامب لرئاسة الولايات المتحدة حدث خطير سيكون له أثر كبير على بلده والعالم كله لما للولايات المتحدة من دور وهيمنة.

ولست قلقاً بما سيحدث في الولايات المتحدة ذاتها بل سأكون سعيداً جداً بكل مشكلة داخلية جديدة لهم لأنها سوف تخفف من غلوائهم وعدوانهم خارج حدودهم.

ولست ساذجاً كما فعل عدد من الكتاب والصحفيين العرب في الحديث عن صعود “اليمين” في أمريكا وكأن كلنتون تمثل “اليسار” حتى نخشى يمين ترامب. ولا أغالى اذا قلت اني أعتقد أن لا غرابة ان تسود الصهيونية علينا إذا كان هذا هو أفضل ما يقدمه المتعلم العربي من بحث وتحليل ساذج. إن ما يكتبه الإعلام الغربي عن قياس “اليمين” و “اليسار” لا يعني شيئاً لنا حيث إن مفهوم هذه الألفاظ مختلف بين الجانبين. وليس كل ما تكتبه الصحافة البريطانية أو الفرنسية مما يجب أن ينسج عليه الصحفي العربي.

كما إني لن أسود السطور حزناً على ما سيحل بالإقتصاد العالمي. فالعربي المسحوق، وجل العرب مسحوقون، لن يضيره شيء اذا عاش الإقتصاد الرأسمالي أو مات. بل قد يكون سعيداً جداً أن يرى لصوص الخليج والجزيرة والعراق وسماسرة لبنان يبكون حظهم العاثر حين تتبخر موجوداتهم في نيويورك أو لندن أو فرانكفورت. فالعربي مفلس، والمفلس في القافلة أمين، لأنه ليس لديه ما يفقده!

لكني سأكتب عن أمرين وجدتهما معبرين عن الواقع الذي جاء للبيت الأبيض برجل من خارج المؤسسة السياسية الحاكمة: وهما التوجه للعزلة الأمريكية وانكفاء العولمة، وما تعنيه هاتان الظاهرتان لنا.

(المزيد…)

Continue Reading ما الذي يعنيه انتخاب “ترامب” لنا؟

رسالة من لندن – 2

كيفَ خدعَ (توني بن) العربَ جَميعا

لا أعتقدُ أن هناكَ عربياَ سكنَ في بريطانيا في أعقابِ الحربِ العالميةِ الثانية لمْ يسمعْ باسمِ “توني بن”. كما عَرَفَه كثيرونَ من العربِ خارجَ بريطانيا بسببِ مواقفِهِ المعلنةِ من قضايا العربِ عامةً وقضيةِ فلسطينِ خاصة. دَخلَ توني بن عالمَ السياسةَ عن طريقِ فَوزهِ بعضويّةِ مجلسِ العمومِ البريطاني لأولِّ مرةٍ عام 1950 عن حزبِ العمالِ، وذلك بعدِ أن رفضَ قَبولَ لقبِ ومنصبِ “اللورد” الذي وِرِثَهُ عن أبيه بسببِ رفضهِ للنظامِ الطبقيِّ الذي يُمثلهُ اللقب. واستُوزِرَ توني بن أكثرَ من مرةٍ في حياتهِ السياسيةِ وعُرِفَ بمواقفهِ المختلفةِ عن عدد من رفاقهِ في حزبِ العمالِ أو في الأحزابِ الأخرى، بل عَدَّهُ عددٌ من الكتابِ والمراقبينَ بأنَّهُ ثوريٌّ ويساريّ (وذلك بمفهومِ اليسارِ في القرنِ العشرين). (المزيد…)

Continue Reading رسالة من لندن – 2

رسالة من لندن -1

نظرة في السياسة الداخلية في انكلترة

تمر انكلترة بشكل خاص وبريطانيا بشكل عام في مرحلة إعادة اصطفاف سياسي لم يسبق أن مرت به منذ عقود بل ربما لأكثر من قرن مما سيكون له أثر كبير على مستقبل البلد وعلاقاته الأوربية بل على المسرح السياسي والعسكري الدولي كله.

وهذا الحديث طويل جداً في جذوره وأسبابه لكني سوف أعرض أمرين يؤشران للمرحلة المقبلة:

وأولهما الإستفتاء حول البقاء في الإتحاد الأوربي أو عدمه،

والثاني ما جاء في خطاب العرش الأخير عند افتتاح دورة البرلمان ما يتعلق بموقف بريطانيا من حقوق الإنسان.

وهما مترابطان ومتعلقان أحدهما بالآخر مما يشكل حالة واحدة يمكن النظر اليها كذلك لمعرفة ما يجري في السياسة البريطانية من تغير جذري لا يعرف أحد ما سيؤول اليه! (المزيد…)

Continue Reading رسالة من لندن -1