قل ولا تقل / الحلقة الثامنة والسبعون
إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم.
(م ج)
فإن من أحب الله أحب رسوله، ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب. ومن أحب العربية عني بها وثابر عليها وصرف همته اليها. (الثعالبي)
قل: هو عالم بذلك وذو علم وعليم به ومتبحر فيه وذو تبحر وخبير به وواسع الإطلاع
ولا تقل: له إلمام واسع به بهذا المعنى
كتب مصطفى جواد: “وذلك لأن الالمام هو أدنى المعرفة وهو مأخوذ من قول العرب: ألممت بفلان إلماماً ويقال أيضاً: ألممت عليه، والَمّ فلان بالذنب أي قاربه. فالالمام هو النزول والزيارة أي المقاربة. قال الفيومي في المصباح المنير “ألمّ الرجل بالقوم إلماماً: أتاهم فنزل بهم ومنه قيل: ألمَّ بالمعنى إذا عرفه، وألمَّ بالذنب فعله، والمَّ بالشيء: قرب”. وقد أوضح الزمخشري مقدار الالمام في المعرفة في أساس البلاغة قال: “والمَّ بالأمر: لم يتعمق فيه والمَّ بالطعام: لم يُسرف في أكله”.
فالالمام من ألفاظ القلة والمقاربة، ولذلك لا يجوز استعماله للكثرة ولو كان ذلك مع الوصف بها، وقولنا “إلمام واسع” هو كقولنا شيء “قليل كثير”، وشيء “ضيق واسع”، وهما من الاقوال المتهافتة، فقل: هو عالم وعليم ومتبحر وخبير وواسع الاطلاع بدلاً من هو ملم ذو إلمام واسع.”