لا يمكن لأي متابع للحدث هذه الأيام إلا أن يسمع التساؤل التالي: “لماذا سعت السعودية وأيدت إسقاط مرسي ووقف السلفيون مع إزاحته؟”. ولم أسمع جوابا سليما لهذا التساؤل (ولا أعني أن أحدا آخر لا يمتلك تفسيرا، إلا أني لم أسمعه). وقد دفعني لكتابة هذه الأسطر أن الوزير السابق عبد الحليم مراد، وهو السياسي القومي المتمكن في نظري، عجز في الإجابة على هذا السؤال حين وجهته له قناة الميادين هذا اليوم.
فماذا يجري؟
ولكي نحاول فهم هذه الظاهرة لا بد للعودة لجذور ظهور السلفية كحركة سياسية. فنقول إن السلفية كحركة سياسية ولدت في التحالف الذي أقامه البريطانيون في نهاية القرن الثامن عشر بين محمد عبد الوهاب ومحمد بن سعود حيث تم الإتفاق على بناء حركة يتولى الأول فيها الدين والثاني السياسة وأن يورث هذا الوضع، وهو ما حدث حيث ولدت الوهابية السياسية.
إلا أن السلفية الوهابية عانت لمدة طويلة من تخلف فكري صرف عنها اهتمام المسلمين المتعلمين كما أنها ظلت لمدة طويلة، وحتى تدفق النفط بغزارة في النصف الثاني من القرن العشرين، غير قادرة على شراء الناس والإعلام لخدمة مشروعها السياسي وتغطية عجزها الفكري.
ولعل هذا التخلف هو السبب الأساس الذي دفع عدداً من المتعلمين المسلمين في القرن العشرين للإنصراف عن الوهابية والبحث عن حركات إسلامية جديدة فكانت حركة الإخوان المسلمين نتيجة طبيعية لذلك العزوف والبحث عن البديل.
وهنا نجد الإجابة على السؤال أعلاه!
فمنذ أن ولدت حركة الإخوان في مصر، ثم انتشرت في بقية العالم الإسلامي، فإنها أصبحت تشكل البديل السياسي للوهابية. ذلك لأن قبول الوهابية بمشروعية حركة الإخوان تعني بالضرورة أنها، اي الوهابية، تعترف بأنها لم تعد تمثل حركة الصحوة الحقيقية التي تعتقدها في نفسها وبأنها تمثل “التوحيد” السليم الذي يجب أن يعود المسلمون له!
كما ان الوهابية أنتجت في القرن العشرين، بعد أن أنعشها مال النفط، عددا من المتعلمين الذين استطاعوا أن يغيروا بعضاً من التخلف الفكري الوهابي ويشكلوا مقدرة على التصدي لمفكري الإخوان مما أعطاهم مسوغاً أكبر للدفاع عن حقهم في تمثيل الإسلام السياسي…
لذلك سارعت الوهابية بتشكيل حركات سلفية في العالم الإسلامي ومدتها بما تحتاجه من مال ومطبوعات وأسست لها مساجد وزودتها بالدعاة وصرفت من أجل ذلك أموالا طائلة خلال العقود الخمسة الماضية.
لكن نشاط الإخوان في العقدين الماضيين أرعب الوهابية، فقد تمكنوا في مصر وتونس وليبيا ومصر وسورية بل وحتى العراق….فكان على الوهابية أن تعمل لتفادي زوال الحاجة لها. فاسسوا الحركات السلفية الإرهابية في العراق وسورية بشكل خاص ودعموا السلفية في شمال افريقيا.
وهذا بدوره يفسر ما جرى في خلاف السعودية الوهابية مع قطر (حمد بن جاسم) الإخوانية في سورية ومصر على سبيل الخصوص. فقد وقفت الوهابية مع النصرة السلفية في سورية بينما وقفت قطر مع الإخوان…. وكذلك وقفت السعودية ضد إخوان مصر والذي تجلى بوضوح في وقوف حزب النور السلفي الوهابي مع تنحية مرسي والإخوان…. حيث إعتقد السلفيون في مصر أنهم سيحلون محل الإخوان الذين خرجوا من السلطة ولعقود جديدة وذلك كله بتأكيد سعودي للصهيونية العالمية أن سلفييهم لن يكونوا ضد اي مشروع صهيوني يعد للمنطقة!
ولا بد هنا من الإستدراك بإضافة ملاحظة مهمة وهي ان المشروع الصهيوني ليس يضيره من ينتصر من الإخوان أو السلفيين ذلك لأن الإثنين ليس لديهم مشكلة مع الصهيونية حيث إن هم الإثنين هو السيطرة على الحكم والإدعاء بأنه يمثل الإسلام السياسي. وليس للأمة من مستقبل سوى التخلص من ظلام الإسلام السياسي وهذا يعني بالضرورة خلق نظام سياسي لا يقوم على قاعدة دينية مذهبية، ذلك لأن أي نظام ديني لا بد أن يكون مذهبيا فليس هناك إسلام سياسي واحد.
وقد يكون فشل الإخوان السياسي في مصر بداية الطريق الصعب لتصحيح مسار الأمة في أن خلاصها ليس في البحث عن بدائل في سلف وهمي لا نتملك عنه وعن عدله سوى قصص تشبه قصص ألف ليلة وليلة…. وحتى لو افترضنا انه كان بالصلاح والعدل الذي يتحدثون به، ألا يقرأ الداعون للعودة له قوله عز من قائل: “كل يوم هو في شان”؟ أتراه تعالى كل يوم في شان من أجله أم من أجلنا وإذا كان من أجلنا فكيف يمكن لنا ألا نتحرك بعيداً عن السلف مهما كان صالحا؟
أفلا يتدبرون القرآن!
والسلام
عبد الحق العاني
5 تموز 2013
الوهابية ليست حركة دينية بالمعنى الصحيح انما هي حركة استغلت الدين لاغراض تثبيت حكمها وسيطرتها على العالم العربي والاسلامي ..واستخدمت بذلك كل امكانياتها المادية في شراء الذمم من اهل العمايم ومن يملك القدرة على التلاعب في عقول الناس من المتنطعين واصحاب الاهواء واقامت لذلك فضائيات اعلامية بقدرتها المالية وبذلك اصبحت تملك مفاتيح عقول الناس عن طريق التلاعب في الحقائق وغسل ادمغة الناس ونشرت اذرعها في مرتكزات انظمة الدول العربية والتي هي ..الجيش والاعلام والقوى الساسية من اسلامية وعلمانية وبذلك تمكنت من احاث الانقلابات والتغيرات السياسية والاضطرابات وفق مصالحها وما تمليه عليها القوى الكبرى متخذة من السلفيين اداة ومرتكز اساسي في القضاء على الخصوم الاسلاميين ( لان مقتل الاسلاميين لا يكون الا بالاسلاميين ) ويكفينا ما آل اليه العالم العربي والاسلامي من تخلف وانحطاط بسبب هذا التيار الوهابي الذي كرس نفسه لحفظ آل سعود ومباذلهم وتدنيسهم لكل المقدسات وانغماسهم في رذيلة الغرب والانقياد للمشاريع الصهيواميركية وتنفيذها عبر الشبكات المالية العالمية التي تهيمن عليها .. واصبح لها الدور الفعال في الربيع العربي المزعوم عن طريق تمويل المشاريع الانقلابية لاحداث انتكاسات في بلدان المنطقة وليحل بها الدمار الشامل في بنيتها التحتية وفي مجرى الحياة الساسية عموما والاقتصادية والتصفيات الجسدية لخلخلة بنية الاسر العربية وتمزيق القيم التي تعارفت عليها ..هذه بعض جوانب الحركة الوهابية