بسم الله الرحمن الرحيم
مسائل من القرآن – باب الجنة والنار
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد وآله بعده،
قال عز من قائل “وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا۟ كَآفَّةًۭ ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌۭ لِّيَتَفَقَّهُوا۟ فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُوا۟ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓا۟ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ” (9 /122)
وقال جل وعلا “ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰمًۭا وَقُعُودًۭا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَـٰطِلًۭا سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ” (3/191)
فأمر تعالى بالتفكر في خلقه طمعاً في استنباط الحكمة من الخلق.
إن ما سيأتي بعد هذا من أبواب هي محاولة مني في عرض مسائل واجهتها في تفكري. وعرضها لا يتبع منهجية معينة إنما يأتي كما يقتضيه الحال وبما يسمح به مقلب الأحوال، بعضها سيكون على شكل أسئلة دون تعليق وبعضها مع تعليق وبعضها ربما مع شرح موجز لكن الهدف من الجميع يبقى دفع المتلقي للتفكر والبحث عن جواب.
ولا بد من التذكير بأني في كل ما أكتبه ألزم نفسي بمبادئ معينة منها:
1. اني أعد الكتاب الكريم تنزيلا إلهياً منزهاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وهذا يعني أن لا يظنن أحد أني أروم مما أكتبه حتى مجرد الإيحاء بأنه ليس كذلك.
2. اني أعد الكتاب وحدة متصلة لم يتغير فيها حرف منذ الأزل وهذا يعني أن ما يقوله عامة المسلمين بأن بعضه نسخ بعضه الآخر بمعنى أنه حل محله باطل عندي. فالكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ليس فيه حرف ولا كلمة ولا آية بطل مفعولها بشيء جاء بعدها. ذلك لأن ما جاز أن يبطل بعضه جاز أن يبطل كله وهذا ممتنع. فإذا ظهر للبعض أن آية تناقض آية فذلك لعلة في المشاهد لا في المشهد.
3. اني لا أعتد في تفسير القرآن بالحديث النبوي إذا كان الحديث يأتي بما لم يأته القرآن ذلك لأنه ما غاب عن رب العزة شيء حتى يتممه أحد بعده. فإذا كان الحديث لتوضيح أو توسع في الشرح فلا بأس، أما إذا كان في الحديث الشريف المنسوب للنبي الأكرم (ص) ما يخالف الحكمة الإلهية أو يناقض نصاً قرآنياً فهو عندي مما لا يعتد به.
4. كما اني اعتمد لسان العرب في فهم ما جاء به رب العزة فقد شاء عز من قائل ان يجعله قرآناً عربياً “وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ” (فصلت/44). فكل تأويل يؤتى به لكي يفسر أمراً في القرآن يتناقض مع لسان العرب من حيث معناه أو إعرابه ليس مقبولاً عندي. فإذا قال قائل إنه لابد من قبول الرمز في موضع ما من الكتاب فلا بد أن يقبل ذلك المحتج بجواز قبول الرمز في سائر الكتاب مما يجعل النص كله مؤولاً.
باب الجنة والنار
س: قال عز من قائل: “ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (3/133)
وقال العليم العلام: سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (57/21)
أليست هذه الآيات قاطعة على أن الجنة تضم الأرض والسماء؟
س. وقال العزيز العليم: وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُۥ وَأَوْرَثَنَا ٱلْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ (الزمر/74). اليست هذه الآية تصديق ما جاء أعلاه من أن السعداء من أهل الأرض الذين يرثون الفردوس ويتبوؤن من الجنة على الأرض من أن الجنة تشمل الأرض كما تشمل السماء؟ وإن لم يكن الأمر كذلك فما هي علة حمده على إرث الأرض وهم كانوا فيها أصلاً قبل يوم القيامة؟
س. قال الغفور الرحيم:” يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ”(الأعراف/27) وقال تعالى: ” فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ” (البقرة/36) وتنص هذه الآيات وغيرها من الكتاب المكنون على أن عقوبة بني آدم كانت بسبب اتباع الهوى وأنها تمثلت بالخروج من الجنة والهبطة إلى الأرض. لكننا قد رأينا في الآيات السابقة أن الجنة تشمل السماء والأرض. فكيف يكون الهبوط إلى الأرض طرداً من الجنة وعقوبة لبني آدم والأرض جزء من الجنة؟ حيث لا يمكن أن تكون الأرض يوماً جزءاً من الجنة وتكون يوماً آخر طرداً منها.
س. وكأن هذا لا يكفي حتى يطل علينا سؤال آخر.فقال تعالى: “ وَقُلْنَا يَـٰٓـَٔادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ” (البقرة/35). وقال الرحمن الرحيم: “ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ” (أعراف/22) فإذا كانت الجنة، وهي لا شك كذلك، كلها خير فماذا تفعل شجرة الضلالة تلك في الجنة وماذا يفعل الشر وسط الخير؟ وإذا كانت تلك الشجرة قد أوجدت لإختبار بني آدم فهل هي ما زالت في الجنة أم أنها طردت مع إبليس ومن عصى معه من بني آدم؟
س. قال عز من قائل: “قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ” (الحجر/34) وليس هناك شك في أن طرد أبليس من الجنة وقع ما أن نطق تعالى بالأمر ذلك لأن الكون كله يمتثل لأمره حين يتحقق الأمر أي بمعنى آخر أنه تعالى جعل الكون على هذا الحال وليس لغيره خيار في الأمر كله. وتثير هذه الآية وما على شاكلتها في الكتاب الكريم سؤالاً واحداً هنا على الأقل وهو أين ذهب إبليس حين طرد من الجنة؟ فهل نزل مع بني آدم الى الأرض؟
س. وقال رب العزة في محكمه: “فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ” (الأعراف/20) و”وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ” (الأعراف/21). فإذا كان قد طرد من الجنة ووقع الطرد فكيف عاد اليها لكي يغوي آدم وزوجه بالشجرة؟ ولا يقولن قائل إنه خاطبهما من خارج الجنة فهذا لا يقبله العقل ويرفضه النص حيث أنه واضح أنه تحاور معهما ثم أقسم لهما بذلك مما لا يمكن أن يحدث إلا في مواجهة. فكيف عاد إبليس للجنة وكان قد طرد منها بأمر الواحد الأحد؟
س. قال اللطيف الخبير: “فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ” (البقرة/24). كنا قد بينا في الأيات الكريمة السابقة أنه تعالى نص على أن الجنة تضم الأرض والسموات، فاين ستكون النار التي أعدت للكافرين؟ فنحن لا نعرف حيزاً ممكناً غير السموات والأرض مما يقتضي أن تكون النار فيهما. فإذا كان ذلك الإستنتاج صحيحاً فكيف يمكن منع نعيم الجنة أن يغمر النار، بل كيف يكون عذاب النار ممكناً وهي ضمن الجنة؟
س. وقال عز من قائل: “ وَنَادَىٰٓ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّۭا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّۭا ۖ قَالُوا۟ نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌۢ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ” (الأعراف/44) وقال جل وعلا: “ وَنَادَىٰٓ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا۟ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ ۚ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ” (الأعراف/50). وتحدثنا هاتان الآيتان وغيرهما عن حوار يجري على شكل نداء بين أصحاب الجنة وأصحاب النار. والنداء عند العرب يجب أن يكون صوتاً مسموعاً مما يعني أن كلاً من اصحاب الجنة والنار سوف يسمع الآخر. فكيف يقع ذلك إلا إذا كانا في مدى سمع أحدهما الآخر. ألا يصدق هذا ما قلناه في المسألة السابقة من أن النار ضمن الجنة حيث يمكن لأهل الدارين من سماع أحدهما الآخر؟
س. قال سبحانه: “قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ” (يس/26). أليس أمر الله واقعاً ما أن ينطق به رب العزة؟ فإذا كان ذلك الأمر وهو ولا بد كذلك فإن المخاطب لا بد أنه دخل الجنة وقت النطق بالأمر الألهي. وهذا يقود لإستنتاجات ومسائل. وأول استنتاج هو أن الجنة قائمة منذ خلق السموات والأرض وهكذا دخلها السعيد. لكن الآية الكريمة تثير أكثر من مسألة. فإذا كان المخاطب قد دخل الجنة حين النطق ألا يعني هذا أنه لن يحشر مع الناس يوم القيامة كما يؤمن المسلمون، ذلك لأن من دخل الجنة لا يمكن أن يخرج منها لكي يحاسب؟
كما أن هذا يؤدي لمسألة أخرى ولا شك: وهي إذا كان هذا السعيد قد دخل الجنة دون حشر أو حساب، ألا يوجد غيره من سيدخلها كذلك؟ ألا يليق بنبينا الأكرم (ص) أن يكون ممن دخل الجنة كذلك؟ ألا يعني هذا أن كل الأحاديث التي وردت عنه (ص) فيما يتعلق بحشره وقيامه من الصعق يوم ينفخ في الصور وما شابهها، هي أحاديث أقل ما يقال عنها أنها موضع شبهة؟
س. وقال الغفور الرحيم: “فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ” (غافر/ 45-46). وهاتان الآيتان الكريمتان تثيران أكثر من مسألة. فآل فرعون ولا شك في النار لتواتر الخبر الآلهي عنهم. إلا أن الآية الثانية تحدث عنهم وهم يعرضون على النار غدواً وعشياً وهذا لا بد أن يكون قبل يوم يوم القيامة لأن الآية الكريمة تستدرك فتخبرنا أنهم يوم القيامة يدخلون أشد العذاب مما يقتضي أن عذاب النار التي يعرضون عليها غدواً وعشياً لا بد أن يكون قبل يوم القيامة. ألا يعني هذا أن عذاباً قد يقع بالناس من قبيل عذاب الآخرة ولكن قبل الآخرة؟ وكيف يمكن هذا والمسلمون يكادون يجمعون على أنه ليس بين عذاب الدنيا والآخرة عذاب (إذا ما استثنينا قصة عذاب القبر الأسطورية)؟ ألا تثير هذه المسألة أكثر من تساؤل جديد يلد عنها حول مفهوم العذاب في الإسلام؟
س. قال اللطيف الخبير: “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ” (التكوير/1-3) وقال: “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ” (الإنفطار/ 1-3)، وقال: “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ، وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ، وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ” (الإنشقاق/1-4)، وقال: “إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا” (الزلزلة /1-2)، وقال: “يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ، وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ” (القارعة/ 4-5)، وقال: “يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ” (إبراهيم/48)، وقال: “يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ” (الأنبياء/104).
اليست هذه الايات الكريمة وما كان على شاكلتها تحدث جميعاً عن يوم الفزع الأكبر؟ فإذا كانت الأرض ستنسف نفساً والسموات ستطوى وتنكدر النجوم فإين ستكون الجنة التي وعد المتقون بأنهارها وخيرها وفاكهتها والتي يجب أن تكون كما عرفها المؤمن بتجربة سابقة لا غيباً ولا تمنياً في قوله:” وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة/25)؟ ثم ما سيكون معنى خلود المؤمنين في الجنة في قوله عز من قائل: ” وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُوا۟ فَفِى ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ إِلَّا مَا شَآءَ رَبُّكَ ۖ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍۢ (هود/108)؟ فإذا كانت السموات والأرض ستنسف وتستبدل بغيرها فأين سيكون الخلود، أفي أرض خربة أم في سماء منكدرة، أم في خلق لا يعرفه أحد، فإذا كان فما المثل المضروب إذن؟
وللحديث صلة…