الجزء الحادي و الثلاثون — الإبادة في غزو العراق واحتلاله

جرائم ضد الإنسانية

 

جمعت لائحة روما الأساس في فقرة واحدة ما قبله العالم على مدى القرنين الماضيين كجرائم. سنعد أن اثنتين من هذه الجرائم ارتكبتا في العراق تتعلق الأولى بالفقرة (ح) من المادة 7 التي تنص على ما يلي:

 

المادة 7 – “الجرائم ضد الإنسانية” ،

 

1 – لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضد الإنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم:

 

(ح) اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3 ،أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو بأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة؛

 

لقد تناولنا في وقت سابق تبني قانون اجتثاث البعث الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة   17  (آيوجد هامش لهذه). ونحن نقر بأن الأمر يندرج تماماً في الفقرة (ح) بعد أن كان بمثابة اضطهاد لآلاف العراقيين لمجرد أنهم كانوا ينتمون إلى عقيدة أو فكر وهو بالضبط ما نص عليه قانون روما الأساس في التجريم. فقد آلاف الأشخاص وظائفهم وتُركت العائلات معوزة واعتقل المئات دون ارتكاب أي جريمة. وتم دمج هذه الجريمة في نظام روما الأساس في نفس الوقت الذي أصدر فيه الغزاة أمر اجتثاث البعث وخلق حملة المطاردة التي تلت ذلك.

 

نؤكد بأن أي شخص عانى من هذه الجريمة له الحق في الإنصاف أمام القضاء وهناك مطالبة عامة قوية في الوقت الحالي في العراق لإلغاء تشريع اجتثاث البعث وجميع الإجراءات التي تلت ذلك. لكن مثل هذا المطلب قوبل بمقاومة من قبل القيادة السياسية الحالية في العراق لأنهم يشعرون أنه يحرمهم من شرعيتهم لأنه لولا السياسة المعادية للبعث لما  تولوا السلطة. ومن غير المتصور أن أية محكمة مشكلة بشكل صحيح وخالية من النفوذ السياسي لن تحكم لصالح البعثي الذي عانى هذا الاضطهاد لمجرد أنه ينتمي إلى حزب البعث بل باختصار سوف تجد مثل هذه المحكمة أن أمر اجتثاث البعث كان جريمة ضد الإنسانية!

 

تناولنا في الفصل الثامن بإيجاز التعذيب والمعاملة غير الإنسانية التي تعرض لها العراقيون عقب الغزو عام 2003 على أيدي موظفين أمريكيين / بريطانيين. ولم يتم ارتكاب مثل هذه الأعمال على يد الجيش فقط بل تم ارتكاب التعذيب من قبل أعضاء وكالة المخابرات المركزية وأفراد شركات الأمن الخاصة والميليشيات العراقية الذين عملوا جميعاً بموجب أوامر مباشرة من سلطات الولايات المتحدة / المملكة المتحدة أو من خلال إشرافهم وسيطرتهم المباشرة. كما طلبت الولايات المتحدة / المملكة المتحدة من مجلس الأمن سلطة حكم العراق ومنحتا هذه السلطة بموجب القانون الدولي والتي بموجبها أصبحتا مسؤولتين عن أمن العراقيين ومسؤولتين عن أي خرق للقانون أثناء استمرار صلاحياتهما. وليس من الدفاع القول بأن بعض أعمال التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية قد ارتكبت دون علمهما. كانت الانتهاكات في أبو غريب منظمة بشكل جيد وواسعة الانتشار لدرجة أنه لا يمكن تصور أنها ارتكبت دون موافقة أو قبول على أعلى المستويات. ومن غير المعقول بنفس القدر أن أعمال التعذيب التي ارتكبتها مجموعات الميليشيات المختلفة خاصة بين عامي 2005 و2007 تمت دون موافقات أمريكية. فقد تم إنشاء هذه الميليشيات وتسليحها وتدريبها من قبل الولايات المتحدة فهل المسؤولون الأمريكيون ساذجون لدرجة أنهم يعتقدون أن الناس سيقبلون إنكارهم معرفتهم بأنشطة هذه الميليشيات؟ نحن نعتقد بأن أي عراقي تعرض للتعذيب في أي وقت خلال سنوات الاحتلال لديه قضية لرفع دعوى ضد حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بموجب المادة 7 من نظام روما الأساس. ويمكن بدء مثل هذا الإجراء القانوني في أي بلد يقبل الاختصاص القضائي للجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساس ولا يلزم أن يكون العراق أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة حيث من غير المحتمل أن تكون المحكمة في هذه الدول خالية بشكل كافٍ من التأثير السياسي للنظر في مثل هذا الطلب. إن ما تم الكشف عنه مؤخراً عن التعذيب على الرغم من أنه لم يكن مفاجئاً لنا يجب أن يعزز حجة العراقيين من أجل معالجة الأضرار التي لحقت بهم.

 

الجرائم التي تنتهك حقوق الإنسان الأساس

 

إن إنكار الحق في الحياة وتعذيب الناس وهو ما اعتدنا عليه بالفعل هو بعض وليس كل انتهاكات حقوق الإنسان الأساس التي حدثت في العراق منذ الغزو وبسببه. وسنحاول النظر في بعض تلك الانتهاكات الأخرى هنا.

 

نعتقد أن انتهاك حقوق الطفل يتصدر القائمة ويجب أن يكون عاراً على الأمة الأمريكية أن تظهر حكومتها على موقع مجموعة معاهدات الأمم المتحدة في المرتبة الثانية بعد الصومال في رفضها حتى الآن التصديق على اتفاقية حقوق الطفل 18. (لا يوجد هامش لهذا وما بعده ) ويبدو أن مثل هذا الرفض من قبل دولة تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان التصديق على اتفاقية وافق عليها العالم تقريباً إن لم يكن لسبب آخر سوى كونها محاولة سياسية لحماية أكثر الأنواع البشرية ضعفاً لا يمكن الدفاع عنه تماماً لبقية البشرية. ففي 23 عاماً منذ اعتماده في عام 1990 تولى العديد من الرؤساء السلطة وكان كلا الحزبين الرئيسيين يتمتعان بأغلبية في الكونغرس ولكن الرفض ما يزال قائماً. ولم نقرأ بعد أياً من هؤلاء الرؤساء يخبرنا في مذكراته المعدة بأناقة بأسباب رفضه التصديق على مثل هذه الاتفاقية عندما كان على استعداد لإدانة “صدام” و “آيات الله” لإساءة معاملة شعوبهما.

 

نعتقد أنه سواء صدقت الولايات المتحدة على الاتفاقية أم لا فإنها تظل ملزمة بها لأنها مقبولة دولياً وأصبحت جزءاً من القانون الدولي العرفي. وقد يتم قبوله كدفاع للأمريكي أن يدفع بأنه غير مذنب لخرقه الاتفاقية أمام محكمة أمريكية ولكن لن يتم قبوله أمام أية محكمة أخرى في العالم. ولا تقل عن ذلك أهمية حقيقة أن المملكة المتحدة التي صادقت على الاتفاقية كانت ولا تزال طوال فترة احتلال العراق شريكاً كاملًا للولايات المتحدة وبالتالي فهي متواطئة في أي جرائم يرتكبها شريكها. وفيما يلي بعض الانتهاكات الرئيسة لاتفاقية حقوق الطفل:

 

  • خرق المحتلون المادة 20 من الميثاق 19 عندما فشلوا في إعادة دور الأيتام التي تعرضت للنهب بعد الغزو وأقاموا ملاجئ للأطفال الذين اعتقل آباؤهم أو قتلوا على أيدي جنودهم أو المليشيات المسلحة والمدربة من قبلهم. وأدى ذلك إلى إجبار عشرات الآلاف من الأطفال العراقيين على السخرة والبغاء والمخدرات.

 

  • فشل المحتلون في التمسك بالمادة 22 من الاتفاقية 20 عندما فشلوا في توفير الحماية والمساعدة الإنسانية لأطفال العراق الذين نزحوا بسبب العنف الطائفي والذي بدأ وأطلقه نفس المحتل بسياسات تسليح الميليشيات الطائفية المختلفة وأطلاقهم في شوارع العراق.

 

  • انتهك المحتلون المادة 27 من الاتفاقية 21 عندما حرموا عمداً آلاف الأطفال العراقيين من مستوى معيشي ملائم لنمو الطفل البدني والعقلي والنفسي والأخلاقي والاجتماعي بعد أن طردوا أولياء أمورهم من العمل بعد اجتثاث البعث.

 

  • فشل المحتلون في تنفيذ المادة 28 من الاتفاقية 22 عندما فشلوا في تطبيق قانون حكومة البعث للتعليم الابتدائي الإلزامي وفشلوا في بناء المدارس الجديدة التي اشتدت الحاجة إليها بعد اثني عشر عاماً من الحصار وأدى هذا الحرمان إلى ضياع آلاف الأطفال إلى الشوارع.

 

  • فشل المحتلون في تنفيذ المادة 33 من الاتفاقية 23 عندما لم يفعلوا شيئاً لمنع الأطفال الذين تركوا بلا مبالاة في الشارع من أن يصبحوا مدمنين على المخدرات وناقليها كما تحدثنا بإيجاز في الفصل الثامن.

 

  • فشل المحتلون في تطبيق المادة 34 من الاتفاقية. 24 فقد تطرقنا بإيجاز في الفصل الثامن إلى محنة بيع الفتيات العراقيات للعمل في الدعارة من خلال الاتجار المنظم ودعم رجال الدين. ونزيد بأن المحتلين وجدوا أنه من المناسب ترك هذا التعصب الديني يعمل في العراق طالما يقف هؤلاء الرجال إلى جانبهم وهو ما يعد خرقا واضحا لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي ويتعارض مع ادعائهم بجلب الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى العراق.

 

  • فشل المحتلون في تنفيذ المادة 37 من الاتفاقية. 25 وقامت قوة الاحتلال وكممارسة شائعة باعتقال الأطفال واحتجازهم لفترات غير محددة من الوقت دون أي مساعدة قانونية وفي انتهاك واضح للاتفاقية.

 

كان أكثر من 1000 طفل رهن الاعتقال والإصلاحيات العراقية في نهاية عام 2008 وربما تعرض العديد منهم لسوء المعاملة من قبل قوات الأمن. غالباً ما كان يتم احتجاز الأطفال دون رعاية مناسبة أو تمثيل قانوني. وبسبب التركيز على الاعتراف في نظام العدالة العراقي تشعر جماعات حقوق الإنسان بالقلق إزاء مستوى الترهيب أو التعذيب الذي يتعرض له الأطفال … لاحظت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق أن الأطفال يتم احتجازهم بشكل متكرر في نفس الزنازين مثل البالغين وحيث توجد أماكن احتجاز للأحداث وكانت الظروف سيئة. وخلال زيارة لمركز احتجاز الأحداث في كركوك في 29 حزيران لاحظت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أن 22 طفلاً كانوا محتشدين في غرفتين وكل واحدة بها ثمانية أسرة ودون تهوية. ولم يحصل أي من الأحداث المحتجزين على التعليم. ولم يتلق أي من موظفي السجن تدريباً على التعامل مع الأحداث الجانحين. 26

 

وعلى الرغم من أننا أولينا مزيداً من الاهتمام لانتهاكات حقوق الإنسان للأطفال في العراق إلا أننا يجب ألا ننتهي من سرد الجرائم دون إبداء بعض التعليقات حول الانتهاكات العامة لحقوق الإنسان للبالغين. لقد علقنا بالفعل على القتل والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية للبالغين.

 

لقد أعربنا في وقت سابق عن إيماننا بأن العديد من الأمريكيين يجب أن يشعروا بعدم الارتياح إزاء وعظ حكومتهم للعالم بشأن حقوق الإنسان عندما تجد الهيئة التشريعية الخاصة بهم أنه من المستحيل التصديق على معاهدات حقوق الإنسان الأساسية مثل اتفاقية حقوق الطفل. ويُفترض أن نفس المشاعر ستنطبق فيما يتعلق بحقيقة أنه بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على اعتمادها لم تصدق الولايات المتحدة بعد على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي نصت على منع التمييز ضد المرأة (27 وما تزال الولايات المتحدة خاضعة للمساءلة بموجب الاتفاقية بقدر ما أصبحت مبادءها جزءاً لا يتجزأ من القانون الدولي. ووفقاً لذلك انتهكت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة التزامات الاتفاقية عندما سمحتا للتعصب الديني بالسيطرة على الاتجاه الذي بدأته حكومة البعث وعكس اتجاهه لتحقيق المساواة الكاملة بين الرجال والنساء والتي تم شرح جزء منها في الفصل الثامن. إن أحد الإخفاقات الرئيسة التي ارتكبها المحتلون فيما يتعلق بحماية المرأة هو انتهاك المادة 76 من الملحق الأول (1977) الذي تمت صياغته خصيصاً لحماية النساء من الاغتصاب والإكراه على البغاء الذي لا ينكر أنه حدث في أعقاب الغزو والاحتلال (28).

 

تم انتهاك حقوق أساسية أخرى منذ الغزو من خلال إطلاقه لممارسات بدائية للانتقام القبلي وتصفية العداوات. فمنذ اعتماد الأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 29 اعتمد العالم بعض الاتفاقيات لحماية حقوق الإنسان الأساس واستعادة الكرامة المفقودة للبشر. والاتفاقيات الثلاث الرئيسية هي: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 (ICESCR) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 (ICCPR) واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة 1984 (CAT) 30. ونظراً لأننا تعاملنا بالفعل مع جريمة التعذيب بموجب نظام روما الأساس فسوف نحدد هنا الانتهاكات الرئيسة لاتفاقيتي 1966. وهذه الانتهاكات هي إضافة إلى انتهاكات اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وملحقها الأول لعام 1977 لحماية المدنيين في وقت الحرب والاحتلال .31 وبما أن هذا لا يُقصد به أن يكون دراسة قانونية فسوف نقتصر على تحديد الحقوق التي تم انتهاكها بأقل قدر من التعليقات.

 

  الحق في الحياة – حُرم آلاف العراقيين من حقهم الأساس  في الحياة بما يتعارض مع المادة 75 (2) من الملحق الأول (1977) الإضافي لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 32 والمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عندما قُتلوا بشكل غير قانوني أثناء الغزو 33

 

  الحق في الحياة السياسية – حُرم مئات الآلاف من الأشخاص في العراق من حقهم في الحياة السياسية بما يتعارض مع المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عندما وضع أمر اجتثاث البعث للقضاء على الفكر القومي العربي الذي كان موجوداً منذ سبعين عاماً في المنطقة العربية  34 والذي تم تعزيزه بشكل أكبر من خلال الأمر 62 المتعلق بالحرمان من الوظيفة العامة والذي يحظر على عضو حزب البعث الترشح في الانتخابات.

 

  الحق في الحماية من الاعتقال التعسفي – ألقي القبض على آلاف المدنيين في العراق بشكل تعسفي عقب الغزو بما يتعارض مع المادة 79 من اتفاقية جنيف الرابعة 35 والمادة 9 من العهد الدولي الخاص  بالحقوق المدنية والسياسية 36. وما يزال المئات من الأشخاص الذين اعتقلوا تعسفيا عقب الغزو رهن الاحتجاز. وبعد مرور عشر سنوات على الغزو انتقل اعتقالهم من المحتل إلى الحكومات العراقية التي تولت السلطة منذ ذلك الحين.

 

  الحق في الحماية من الأثر الرجعي لعمل إجرامي – ألقي القبض على آلاف المدنيين في العراق بسبب أفعال لم يتم تجريمها وقت ارتكابها بما يتعارض مع المادة 70 من اتفاقية جنيف الرابعة 37 والمادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 38. تنفيذ

 

  الحق في الحماية من التعذيب – لقد أثبتنا بالفعل أن آلاف الأشخاص في العراق تعرضوا للتعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية أثناء وجودهم في أيدي المحتلين أو في أيدي المليشيات العاملة تحت إشرافهم. وتم ارتكاب جميع هذه الأعمال بما يتعارض مع المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 39 والمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949 40 والمادة 75 (2) من البروتوكول الأول لعام 1977.

 

 الحق في حماية حرية المعتقد والتعبير – حرم أمر اجتثاث البعث الملايين من الناس في العراق من حقهم في المعتقد والتعبير عندما أصبح مجرد الإيمان بالقومية العربية التي تمثلها عقيدة البعث جريمة مخالفة للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 41

 

  حقوق العمل والأسرة والمستوى المعيشي اللائق – حُرم الشعب العراقي العديد من الحقوق الأخرى إما عمداً أو من خلال لامبالاة المحتلين وإهمالهم. وسواء كانوا يعتزمون حرمان ملايين العراقيين من حق العمل والاحتفاظ بأسرة وتأمين مستوى معيشي لائق أم لا فهذا أمر غير ذي صلة. إن ما يهم هو أن السياسات مثل اجتثاث البعث أدت إلى حرمان ملايين العراقيين من هذه الحقوق. وحرم الطرد من العمل والاعتقال التعسفي والاحتجاز لسنوات عشرات الآلاف من العراقيين والملايين من معاليهم من هذه الحقوق بما يتعارض مع المواد 6 و 10 و 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .42

 

يُظهر الملخص المقتضب أعلاه للحقوق المغتصبة وحقوق التعويض أن هناك قائمة بالانتهاكات والفرص المتاحة أمام أي حكومة عراقية مستقبلية تتمتع بالنزاهة لتأمين مصالح العراقيين للأفراد العراقيين اليوم أو في المستقبل للبحث عن العدالة وتعويض الأضرار. ومن الواضح أن تعويضات الحرب يجب أن تُلتمس من الغزاة الذين احتلوا العراق وتركوه في حالة خراب. ويجب المطالبة بالتعويضات الشخصية لكل عراقي عانى من الظلم سواء في الاعتقال أو الطرد من العمل أو التهجير نتيجة الغزو والاحتلال والحصار الذي دام 12 عاماً.

 

الملاحق

 

الملحق 1

مذكرة وزير خارجية بريطانيا حول الكويت عام 1902

 

لخص المركيز لانسداون وزير حارجية بريطانيا في عام 1902 سياسة بريطانيا تجاه شيخ الكويت وشيوخ آخرين في منطقة الخليج بهذه المذكرة:

 

“لقد أصبح الوضع في الكويت محرجًا أكثر فأكثر وحان الوقت لمواجهته وجهاً لوجه.

 

لقد ربطنا أنفسنا مع عميل مستحيل في شخص الشيخ. يبدو أنه متوحش غير جدير بالثقة ولا أحد يعرف من أين تبدأ ممتلكاته وتنتهي والتزاماتنا تجاهه غير محددة مثل حدود إمارته. لقد أعلنا بوضوح أنه لا يتمتع “بالحماية” البريطانية لكننا من ناحية أخرى قدمنا ​​له مرة هدية قدرها 1000 جنيه ووعدناه بـ “مساعينا الحميدة” مهما كان معنى ذلك. وعندما قطعنا على أنفسنا هذا الوعد لا أشعر بأي شك بأننا كنا نفكر في الكويت بشكل صحيح وكامل إذا كان هناك شيء من هذا القبيل وليس بوبيان أو ضواحي أخرى يكون للشيخ حقوق عليها بشكل أو بآخر. لقد قمنا حتى الوقت الحاضر بحماية أنفسنا ليس دون جدوى خلال مناقشتنا مع الأتراك من جهة والحكومات الأجنبية من جهة أخرى وراء الإعلان المعقول بأننا نرغب في الإبقاء على الوضع الراهن فيما يتعلق بالكويت. لكني أشك فيما إذا كان أي شخص يعرف حقاً ما هو الوضع الراهن. ليس لدينا بأي حال من الأحوال في رأيي الحق في إخبار الأتراك بأنهم لا يجوز لهم نقل القوات لغرض إخماد تمرد في منطقة نجد أو أنهم يجب ألا يبحثوا عن محطة مناسبة لسكة حديد بغداد خوفا من تعكير صفو الوضع الراهن.

 

إذا تركت الأمور كما هي فسنشرك أنفسنا في نزاع غير مُرضٍ للغاية وسنضطر كما أشار الأدميرال بوسانكيه مؤخراً إلى إبقاء الأسطول في حالة حراسة على رأس الخليج من أجل الحفاظ على السلام.

 

يبدو لي أننا قد نشرح (1) للباب العالي و(2) للشيخ و(3) للقوى الأجنبية المهتمة على الفور أهداف سياستنا.

 

إني أميل إلى القول إن ارتباطاتنا بالكويت لا تمتد إلى ما وراء الحي المجاور أو القريب من الخليج الذي يحمل هذا الاسم والسعي للحصول على انضمام الباب العالي والشيخ إلى تعريف تقريبي لتلك المنطقة. وقد يكون من الضروري مصالحة الشيخ بدفع 1000 جنيه آخرى أو حتى مبلغ أكبر.

 

أود أن أوضح للأتراك أننا لا نريد أن نقف في طريق ترتيب يمكن بموجبه وضع نهاية الخط في مكان آخر غير الكويت لصالحهم إذا تمكنوا من تحقيق أي شيء منها.

 

أما بالنسبة للقوى الأجنبية فقد شرحت بالفعل لمعظمها أننا لن نعارض مشروع السكك الحديدية بشرط أن يتلقى رأس المال البريطاني حصة مساوية على الأقل لحصة أي دولة أخرى فيما يتعلق بالبناء والإدارة وأوامر المواد؛ وقد أضفت أنه بينما لا نتحفظ على التجارة الدولية في الخليج ولا نرغب في تحويلها إلى بحيرة بريطانية فإننا سنقاوم بأقصى قدر ممكن كل محاولات القوى الأخرى للحصول على موطئ قدم على شواطئها من أجل أغراض بحرية أو عسكرية. 

 

وأعتقد أن هذا هو “حجر الأساس” لسياستنا في الخليج وسنتابع هذه السياسة ليس بحكم التفاهم الغامض مع الزعماء المحليين ولكن بصفتنا القوى المهيمنة في جنوب فارس وفي الخليج – القوة التي تفوق مصالحها التجارية في تلك المناطق بكثير مصالح القوى الأخرى والقوة التي تعود جهودها في الماضي إلى أن مياه الخليج مفتوحة أمام تجارة العالم ومن واجبها في المستقبل حماية طريق التجارة الجديد. فإذا كان مفهوماً أنه يجب علينا أن نحسب حسابنا، أيا كان من يبني السكة الحديدية وأينما وجدت محطة لأننا تلك القوة التي يمكننا أن ننظر بلا مبالاة إلى المؤامرات المحلية لأي عدد من شيوخ وأمراء.”

 

(توقيع) لانسداون

وزارة الخارجية 21 آذار 1902

 

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image