الفصل السابع
تأسيس النظام الفيدرالي وزرع بذور الانقسام العرقي والمذهبي
كان الأمريكيون والبريطانيون على ما يبدو قد قرروا إلى جانب التخطيط لتفكيك العراق وكافة مؤسساته بما في ذلك الجيش وصناعته العسكرية وتقييد العراق بقوانين كان هدفها إخضاعه بالكامل، كما أوضحنا في الفصل السادس، قد وضعوا خططاً لإقامة دولة جديدة من أجل تأمين سيطرة كاملة وغير محدودة على العراق ومستقبله.
وفيما يلي الخطوات الرئيسة التي اتخذتها الولايات المتحدة المؤدية إلى الإعداد لدولة جديدة.
دخول الجنرال غارنر
تم تعيين الفريق المتقاعد جاي غارنر في 9 كانون الثاني2003 قبل بدء الغزو لإدارة المكتب الذي أنشأته وزارة الدفاع للتخطيط لإدارة العراق ما بعد الحرب. وأصبح هذا المكتب الذي تم إنشاؤه بموجب أمر رئاسي تنفيذي في 20 كانون الثاني 2003 معروفاً باسم مكتب إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية (ORHA)
أرسل المكتب 151 موظفاً من واشنطن إلى الكويت في 16 آذار 2003 مفترضاً أن الوزارات العراقية ستعمل بشكل طبيعي بعد الحرب مع تغييرات طفيفة في الطبقة الأعلى تتطلب استبدال الوزراء وكبار المسؤولين في حين سيعمل موظفو الخدمة المدنية في الوزارات تحت قيادة جديدة. كما افترض المكتب أن هذا سيتطلب فريقاً استشارياً وزارياً يتكون من “مسؤول حكومي رفيع المستوى من الولايات المتحدة أو التحالف لتوجيه قرارات الوزارة والاحتفاظ بسلطة النقض خلال الفترة الانتقالية كما يقوم التقنيون العراقيون المغتربون بتوفير الخبرة الفنية في قضايا كل وزارة ويبقى أكبر تقني في كل وزارة بعد إبعاد البعثيين رفيعي المستوى للإشراف على بقية موظفي الوزارة ” .
يبدو أن غارنر لم يحصل على أية معلومات بخصوص خطط الحرب إذ سرعان ما اكتشف أن خططه للذهاب إلى البصرة وبدء جهود إعادة الإعمار فوراً بعد أن قام الجيش بتأمين المدينة لم تكن ما يفكر فيه الجيش. لم تكن لدى OHRA أية فكرة عن حقائق الوضع في العراق ولم يكن غارنر مطلعاً على مناقشات مجلس الأمن القومي بل في الواقع ادعى غارنر أنه لم يتلق أبداً أياً من الخطط التي أعدها مكتب الخطط الخاصة (OSP) والذي تولى التخطيط من جهة وزارة الدفاع لتطوير توصيات السياسة التي تتعارض مع توصيات وزارة الخارجية فيما يتعلق بإعادة تنظيم الحكومة ومستقبل الجيش العراقي بعد الحرب واجتثاث البعث. كما أنه لم يكن يعلم أن دوجلاس فيث الذي أدار OSP قد شارك في أي تخطيط لما بعد الحرب . ولا توجد طريقة للتحقق من هذه الادعاءات.
وصل غارنر إلى بغداد في 21 نيسان 2003 وتبعه في 24 نيسان معظم موظفي المكتب . وأعلن غارنر أن أولويته هي استعادة الخدمات الأساس مثل الماء والكهرباء “في أقرب وقت ممكن” . لم يكن يذكر علنًا سوى المفاهيم التي طورتها وزارة الدفاع والتي تم شرحها بشيء من التفصيل من خلال كتاب وكيل وزارة الدفاع دوجلاس فيث (الحرب والقرار). كان مفهوم فيث الذي قدمه إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في 11 شباط 2003 هو أن العراقيين “قد يلعبون بشكل تدريجي دوراً أكبر في إدارة البلاد” سارداً العناصر الرئيسة لتحقيق هذا الهدف والتي تضمنت تشكيل مجلس الشورى العراقي والمجلس القضائي ولجنة دستورية لصياغة دستور يتبعه استفتاء عليه مع بقاء المؤسسات الحكومية في مكانها بعد تدقيق كبار المسؤولين ثم إجراء انتخابات مبكرة في المدن والمقاطعات .
طور مكتب فيث في آذار 2003 مفهوماً دعا إلى تشكيل سلطة عراقية مؤقتة (IIA) من شأنها أن تشمل الذين في الداخل والأكراد والمنفيين وتتقاسم مسؤوليات القيادة مع التحالف (أشبه ما تكون بهيئة استشارية). وأن لا تعمل السلطة العراقية المؤقتة إلا من خلال ذلك حتى يمكن تشكيل حكومة تمثيلية أكثر عن طريق الانتخابات. وقد وافق الرئيس بوش في جلسة لمجلس الأمن القومي في 10 آذار 2003 على مفهوم السلطة العراقية المؤقتة الذي قدمه فيث لكنه لم يتم إنشاء السلطة العراقية المؤقتة.
تعيين بول بريمر
تم في أيار 2003 تعيين السفير السابق ل. بول بريمر الذي اختاره رامسفيلد كمبعوث خاص للرئيس بوش إلى العراق على أساس أن يكون مسؤولاً عن إعادة بناء الحكومة والبنية التحتية للبلاد . كان رامسفيلد “قد تصور منذ فترة طويلة أن السيد بريمر سوف يملأ في نهاية المطاف دور الحاكم المدني العام للعراق” على رأس “سلطة الائتلاف المؤقتة” (CPA) التي تم دمج ORHA فيها. وتم تحديد مهمة السلطة رسمياً على أنها “استعادة ظروف الأمن والاستقرار وخلق الظروف التي يمكن فيها للشعب العراقي أن يقرر مستقبله السياسي بحرية (بما في ذلك من خلال دفع الجهود لاستعادة وإنشاء مؤسسات وطنية ومحلية للحكم التمثيلي) وتسهيل الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار والتنمية المستدامة ” .
ناقشنا في الفصل السادس كيف أن القوانين التي غيّرها بريمر وتلك التي فرضها على عكس النية الرسمية خلال عام من الحكم المطلق في العراق كانت جميعها متعارضة مع القانون الدولي. لم تكن مهمة بريمر مجرد إصدار أوامر وقوانين لتعزيز قبضة الولايات المتحدة على العراق. كانت مهمته أكثر شراً بكثير ويصفها البيت الأبيض على النحو التالي:
سيشرف (بريمر) بصفته المبعوث الرئاسي على جهود إعادة الإعمار التي يقوم بها التحالف والعملية التي يبني بها الشعب العراقي المؤسسات وهياكل الحكم التي ستوجه مستقبله. وسيحتفظ الجنرال تومي فرانكس بالقيادة لجيش التحالف في مسرح العمليات. يرفع السفير بريمر تقاريره إلى وزير الدفاع رامسفيلد ويقدم المشورة للرئيس من خلال الوزير بشأن السياسات المصممة لتحقيق الأهداف الأمريكية وأهداف التحالف في العراق .
يكشف أحد المقاطع من كتاب بريمر، والذي هو عبارة عن مزيج من الضجيج وأنصاف الحقائق والتزوير، عن دوره الحقيقي حين يروي أنه عندما طلب من مسؤول الأمم المتحدة في بغداد السفير راميرو دا سيلفا المال لشراء الحبوب رفض دا سيلفا على أساس أن أموال النفط مقابل الغذاء ملك للحكومة العراقية فأجاب بريمر: “أنا الحكومة العراقية في الوقت الحالي … ” وشبه نفسه بالجنرال دوغلاس ماك آرثر الحاكم الفعلي لإمبراطورية اليابان بعد الحرب العالمية الثانية والجنرال لوسيوس كلاي الذي قاد الاحتلال الأمريكي لألمانيا النازية المهزومة .
اجتثاث البعث
أصدر بريمر في 16 أيار 2003 أول أمر لسلطة الائتلاف المؤقتة والذي دعا فيه إلى “اجتثاث البعث من المجتمع العراقي” . ويعني اجتثاث البعث أن أي شخص أصبح عضواً في حزب البعث، بغض النظر عن النية في الانضمام أو الإجراءات بعد الانضمام، ستم طرده من وظيفته / وظيفتها الحكومية ومُنع من المشاركة في السياسة العراقية أو المناصب العامة.
كان قرار حل حزب البعث في العراق وحظره في طور الإعداد منذ فترة طويلة وكانت له جذوره في التسعينيات. كانت سياسة حل حزب البعث هدفاً رئيساً لجماعات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة على الرغم من أن مصطلح “اجتثاث البعث” نفسه قد استخدم لأول مرة من قبل أحمد الجلبي في مقال نشر في تايمز أوف لندن في صيف 2002 حيث ورد فيه إنه قال “ما نحتاجه هو برنامج لاجتثاث البعث مثل برنامج اجتثاث النازية. ” وقال أحمد الجلبي أيضاً لصحيفة نيويورك تايمز: “إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تفعل ذلك ، فمن نحن لنقول لا؟ لا يمكننا منعهم. إنهم يتحدثون عن نزع السلاح واجتثاث البعث وهو أمر جيد للغاية وما نريده ” . وقبل الغزو بشهر كتب أحمد الجلبي في صحيفة وول ستريت جورنال ما يلي:
لكي ينضم العراق إلى المجتمع الدولي في ظل نظام ديمقراطي فمن الضروري إنهاء سيطرة البعثيين على جميع جوانب السياسة والمجتمع المدني. يحتاج العراق إلى برنامج شامل لاجتثاث البعث أكثر شمولاً من جهود اجتثاث النازية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية إذ لا يمكنك قطع رأس الأفعى وترك الجسد يتقيأ. ولسوء الحظ فإن الخطة الأمريكية المقترحة ستفعل ذلك بالضبط إذا لم تفكك الهياكل البعثية .
وكان مجلس الأمن القومي قد اقترح طرد فقط من هم في المراتب العليا في حزب البعث – حوالي واحد بالمائة من الأعضاء – من الوظائف الحكومية بينما يخضع الآخرون “لعملية الحقيقة والمصالحة” على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا . لكن مكتب فيث مدد توصية مجلس الأمن القومي من خلال تضمين بند في السياسة يمنع أعضاء حزب البعث العاديين من شغل مناصب في أعلى ثلاث طبقات إدارية في كل مكتب حكومي.
وأخبر بريمر فيث في 9 أيار أنه يريد أن يكون لوصوله إلى بغداد سمة مميزة. فقرر أن أولويته ستكون تنفيذ سياسة “اجتثاث البعث” لتقديم ضمانات بأن “البعثيين لن يعودوا” .
كتب بريمر:
هكذا تم اتخاذ القرارات. قام الجنرال تومي فرانكس قائد القيادة المركزية الأمريكية العسكرية بحظر حزب البعث في 16 نيسان 2003. في اليوم السابق لمغادرتي إلى العراق في أيار قدم لي وكيل وزارة الدفاع دوغلاس ج. فيث القانون الذي من شأنه تطهير كبار البعثيين من الحكومة العراقية وقال لي إنه يعتزم إصداره على الفور. وإدراكاً مني لمدى أهمية هذه الخطوة طلبت من فيث التأجيل من بين أسباب أخرى حتى أتمكن من مناقشته مع القادة العراقيين ومستشاري سلطة التحالف المؤقتة. وبعد أسبوع وبعد مشاورات دقيقة أصدرت مرسوم “اجتثاث البعث” كما صاغه البنتاغون .
وهكذا وبضرية قلم واحدة أزال بريمر بضع مئات من الألوف العراقيين من وظائفهم.
وتلا الأمر رقم 1 في 25 أيار 2003 الأمر رقم 5 بتـأسيس المجلـس العـراقي لتطـهيـر المجتمع العـراقي من حـزب البعث والذي كانت وظيفته التحقيق وتحديد أعضاء الحزب . رأس المجلس أحمد الجلبي لا غيره وعمل به أعضاء كانت أوراق اعتمادهم الوحيدة هي أنهم مناهضون للبعث مما يمكن الناس من تسوية الخلافات الشخصية القديمة مع البعثيين. كان الجلبي يتمتع الآن بسلطة غير عادية لإنهاء عمل أي شخص وتجريده من أجره التقاعدي وتركه معدماً. ومنح مجلس اجتثاث البعث، في أمر بريمر رقم 64 الصادر في 28 شباط 2004 مزيدًا من الصلاحيات لتحديد من كان عضواً بارزاً في الحزب مما أدى إلى استبعاد ذلك الشخص من المشاركة في الانتخابات كمرشح أو قبوله أو شغل منصب عام على أي مستوى. ويبدو أن اجتثاث البعث قد قطع شوطًا ما نحو “تفكيك الدولة التي تُركت سليمة إلى حد كبير بسبب الحرب السريعة غير المتوقعة” على حد تعبير مجلة الإيكونوميست .
يجب التأكيد هنا على أن اجتثاث البعث الذي كان ساري المفعول حتى كتابة هذه السطور هو جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي. وقد تم دمجه في النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية . ولا يمكن لبريمر أو لحكومة الولايات المتحدة الدفاع بأن الأخيرة على وجه التحديد لم تصادق على النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية فقد أصبح هذا المبدأ جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزم لجميع الدول.
حل الجيش وتأسيس الجيش الجديد
وجه رامسفيلد وكجزء من الخطة الأمريكية للعراق الجنرال فرانكس في 19 كانون الأول 2002 إلى “إجراء التخطيط لانتقال العمليات في العراق من القتال الحاسم إلى استعادة العراق بعد الأعمال العدائية”. كما أمره بالتخطيط لـ “نزع سلاح وتسريح وإعادة تشكيل الجيش العراقي ليصبح قوة قادرة على الدفاع عن العراق ومسؤولة أمام السلطة المدنية وليس تهديدًا للمواطنين العراقيين أو الدول الإقليمية” وتحديد القوات المطلوبة لتوفير الأمن في جميع أنحاء العراق والدفاع ضد التهديدات الخارجية بما في ذلك “تهديد الجماعات الداخلية المعادية للولايات المتحدة وقوات التحالف”. كل هذه الأهداف تبدو نبيلة على الورق ولكن كما سنبين لاحقاً لم يتحقق أي منها.
فقد أصدر بريمر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 2 في 23 أيار 2003 الذي حل بموجبه ليس فقط الجيش ولكن أيضاً السلاح الجوي والبحرية وقوة الدفاع الجوي والتنظيماتت العسكرية النظامية الأخرى والحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص و مديرية الاستخبارات العسكرية وجيش القدس وقبوات الطواري وفدائيي صدام وميليشيات حزب البعث وأصدقاء صدام وأشبال صدام . باختصار قام بحل جميع دفاعات الدولة العراقية.
أدى حل القوات المسلحة العراقية إلى تعطل ما يقرب من 350 ألف رجل عراقي عن العمل وتعريض أسرهم لمعاناة مالية. وانتقدت “مجموعة الأزمات الدولية” القرار قائلة:
من شبه المؤكد أن حل الجيش السابق كان القرار الأكثر إثارة للجدل ويمكن القول إنه القرار الأكثر سوءًا لسلطة الائتلاف المؤقتة. فقد قلب بول بريمر الحاكم المدني الجديد بأول أمر يصدره وهو الأمر الصادر في 23 أيار 2003 بضربة واحدة سياسة الولايات المتحدة السابقة ووضع حداً لمؤسسة سبقت أصولها حكم صدام حسين والتي كانت هويتها مختلفة عن هويته وهي النظام البعثي والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتاريخ الدولة القومية العراقية منذ العشرينيات .
وبنفس القدر من الأهمية فقد ترك العراق بلا قوات دفاع أو أمن.
ومع ذلك فقد تم طرح خطة إنشاء جيش جديد في 21 كانون الثاني 2003 من قبل رئيس مكتب الخطط الخاصة ويليام لوتي الذي وصف في كتاب فيث بأنه نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا . وتبع قرار بريمر هذه الخطة فكلف سلطة الائتلاف المؤقتة أن تبني من الصفر مجموعة كاملة من الخدمات الأمنية . واعتقد بريمر أن العراقيين لم يكونوا مستعدين لتحمل المسؤولية المستقلة عن شؤونهم الخاصة وأن الجيش الجديد سيهتم بشكل رئيس بالأمن الخارجي.
تم تشكيل الجيش العراقي الجديد المفترض بأمر بريمر رقم 22 بتاريخ 7 آب 2003 . والمهم في مهمة وهيكل القيادة لهذا الجيش هو أن ” الدفاع عسكريا عن الدولة بما في ذلك الدفاع عن الأراضي الوطنية وتوفير الحماية العسكرية لأمن المنشات والمرافق والبني التحتية وخطوط الاتصالات والإمدادات الحساسة وتوفير الحماية العسكرية لأمن السكان أيضا وتمل مهام الجيش العراقي الجديد ووحدات قوات الدفاع الوطني العراقية الأخرى تطوير قدرة عسكرية إثناء فترة ولاية سلطة الائتلاف المؤقتة لتوفير الأساس لقوات مسلحة محترفة وغير سياسية تكون فعالة عسكريا وتوفر الدفاع العسكري عن الدولة بعد انتهاء مدة ولاية سلطة الائتلاف المؤقتة لن يكون للجيش العراقي الجديد أي مهام لتنفيذ أو تطبيق القانون محليا ولن يتدخل الجيش العراقي الجديد في الشؤون السياسية المحلية للدولة وستناط بالجيش العراقي الجديد مهام أخرى ، من بينها المشاركة في بعثات الإغاثة الإنسانية وفي عمليات الإغاثة المحلية المرتبطة بالكوارث الطبيعية أو الكوارث الناتجة عن أعمال يقوم بها الإنسان..” وستكون القوات العراقية العاملة مع قوات التحالف تحت قيادة ضابط من قوات التحالف. كما قام الأمر بدمج قوات الميليشيات في الجيش العراقي الجديد على أساس أنهم “قاتلوا ضد النظام البعثي”. سمح أمر بريمر رقم 91 الصادر في 2 حزيران 2004 لشركات الأمن الخاصة بالعمل في العراق باستثناء حظر الجيوش والميليشيات الخاصة كما هو مذكور في القسم 2 من الأمر .
(هذه ترجمة لا تتطابق مع النص المطبوع في صفخة 132 من الكتاب كما هو أمامي)
عكس المجندون الأوائل أهداف التحالف المتمثلة في إنشاء جيش جديد على غرار الانقسام العرقي والطائفي: 60٪ من الشيعة و25٪ من السنة و10٪ من الكرد و5٪ من الأقليات أخرى .
ويجب أن نشير هنا إلى أن غالبية العاملين في الجيش العراقي إبان حكم البعث كانوا من الشيعة ذلك لأن الخدمة العسكرية في العراق كانت بالتجنيد الإجباري مما يعني أن الأعراق والطوائف المختلفة كانت ممثلة نسبياً في الجيش. لم يمارس نظام البعث سياسات طائفية لأنه لم يكن لديه سبب لفعل ذلك لكونه حركة قومية. وعندما ذهب العراق إلى الحرب مع إيران كانت تركيبة الجيش العراقي من أغلبية شيعية! ويبدو أن صدام حسين لم يكن لديه مشكلة في ذلك ولم تكن لديه أية مشكلة في وجود شيعي كرئيس لأركان جيشه! وفي حين أن البعض قد يعترض على هذا على أساس أن حل الجيش من قبل بريمر أثر بشكل أساس على السنة مما تسبب في بطالة هائلة هناك فإنه لا بد من توضيح أن الجيش الجديد الذي تم إنشاؤه بموجب أمر بريمر 22 الصادر في 7 آب 2003 كان قد استوعب الشيعة وأقصى أهل السنة. وكان هذا كله جزءاً من سياسة الولايات المتحدة لتقسيم العراق وخلق الانقسامات بين أبنائه.
واليوم مع كون الميليشيات الداعمة للحكومة من الشيعة بنسبة 100٪ وبقوات مسلحة تزيد عن 90٪ من الشيعة، بعد أن تركها منذ ذلك الحين معظم السنة الذين انخرطوا في الجيش العراقي الجديد، فإن من العدل القول بأن العراق الفيدرالي الديمقراطي الجديد لديه ولأول مرة في تاريخه جيش طائفي.