شرعت الولايات المتحدة تساندها بريطانيا للإستعداد لغزو العراق وإسقاط نظامه في حملة أكاذيب وافتراءات وتزييف لتمهيد الطريق للغزو. لم يعد هناك شك مع كمية المعلومات التي تم الكشف عنها في السنوات العشر الماضية أن القرار النهائي لمهاجمة العراق قد تم اتخاذه في 12 أيلول 2001 في أعقاب هجمات 11 أيلول.
أما ما بقي للاستكبارين فهو إيجاد طريقة لجعله يبدو وكأنه عمل للدفاع عن النفس أو مطالبة بدعم القانون الدولي بدلاً من عمل عدواني غير قانوني كما هو واضح.
وهكذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا تقولان للعالم إنهما تسعيان للإطاحة بالنظام العراقي بسبب عدم امتثاله المزعوم لقرارات مجلس الأمن المفروضة عليه. كان كولن باول قد نفى على وجه التحديد الاتهامات بأن الولايات المتحدة كانت تتصرف من جانب واحد قائلاً إن الولايات المتحدة “تعيد المشكلة إلى مصدرها الأصلي أي الأمم المتحدة” .
في 19 أيلول 2002 وبعد أسبوع من خطاب الرئيس بوش ألقى الرئيس العراقي صدام حسين كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في كلمة تلاها وزير الخارجية ناجي صبري . ردت هذه الكلمة على بيان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 أيلول بأن إعادة قبول المفتشين كانت “الخطوة الأولى التي لا غنى عنها نحو طمأنة العالم بأن جميع أسلحة الدمار الشامل العراقية قد تم التخلص منها بالفعل و- دعني أؤكد- تجاه التعليق والانتهاء النهائي للعقوبات التي تسبب الكثير من المصاعب للشعب العراقي ”. ـ وقال صبري نقلاً عن الرئيس العراقي:
إن بلدنا على استعداد لاستقبال أي خبراء علميين برفقة سياسيين تختارهم لتمثيل أي بلد من بلدانكم لإخبارنا عن الأماكن والمنشآت العلمية التي يرغبون في رؤيتها ولا سيما تلك التي كان المسؤولون الأمريكيون يختلقون عنها قصصاً كاذبة والادعاء بأنها تحتوي على مواد أو أنشطة محظورة … أعلن أمامكم أن العراق خالٍ من جميع الأسلحة النووية والكيميائية والحيوية.
لكن عرض العراق قبول المفتشين قوبل بآذان صماء في الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين بدأتا في صياغة قرار من شأنه تشديد الجدول الزمني للعراق للامتثال للقرارات السابقة والسماح باستخدام القوة إذا لم يفعل ذلك. وطلب بوش في نفس اليوم من الكونجرس من خلال وزير الخارجية كولن باول منحه السلطة لاستخدام القوة العسكرية للإطاحة بالحكومة العراقية . إن فشل الولايات المتحدة في الرد على العرض العراقي بالاعتراف بالمفتشين كشف حقيقة أن المزاعم المستمرة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأن العراق كان يواصل تطوير أسلحة حيوية وكيميائية ونووية لم تكن سوى دعاية تهكمية للحرب .
تبنى مجلس الأمن في 8 تشرين الثاني 2002 بالإجماع القرار 1441 الذي دعا إلى إجراء عمليات تفتيش جديدة للعثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية وإزالتها وإنشاء سلطات معدلة أو إضافية ملزمة للعراق لتسهيل عمليات التفتيش. وبموجب بنود القرار الذي قبله العراق كان على رؤساء المفتشين تقديم تقرير على الفور إلى مجلس الأمن إذا عرقل العراق عملهم وبعد ذلك سوف يجتمع مجلس الأمن على الفور للنظر في الوضع ومدى الامتثال.” كما هدد القرار بـ “عواقب وخيمة” إذا لم يمتثل العراق.
بدأت الولايات المتحدة في هذه المرحلة بدعم من بريطانيا وإسبانيا في السعي للحصول على قرار جديد لمجلس الأمن يعلن أن العراق قام انتهاك مادي لالتزامه بنزع سلاحه من أجل تنفيذ الهجوم وفرض تغيير النظام. لكن الأعضاء الدائمين من فرنسا وروسيا والصين بالإضافة إلى عدد من الأعضاء الآخرين عارضوا القرار. فقد كانت فرنسا على سبيل المثال قلقة حينها من أن الولايات المتحدة ستتخذ “إجراءً أحادي الجانب” ضد العراق بدعم بريطاني. واعتقدت فرنسا أيضاً أن المحاولة المعلنة لتأمين قرار جديد لمجلس الأمن يصرح بشن هجوم على العراق كانت في الواقع “فخاً” طالما أن قرارات مجلس الأمن الحالية لا تسوغ الحرب. وصرح وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان أن فرنسا ما زالت تعارض القرار الجديد لأنها تعتقد أن مفتشي الأسلحة الدوليين ما زالوا بحاجة إلى وقت للقيام بعملهم في العراق. كانت باريس خائفة كذلك من أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة سوف تستخدمان المفاوضات في الأمم المتحدة “كغطاء لإستخراج أفضل للحرب” وليس لمنع العمل العسكري .
قدمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسبانيا في 24 شباط 2003 مشروع قرار قال السفير البريطاني جيريمي جرينستوك عنه إنه سيحدد موعداً نهائياً لامتثال العراق “ضمنيًا أو صراحة” لإجبار مجلس الأمن على تحديد المدة التي ستستمر فيها عمليات التفتيش دون تعاون بغداد الكامل لكن مقدمي مشروع القرار وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية الكبيرة سرعان ما خلصوا إلى أنهم لن يكونوا قادرين على تأمين توافق في الآراء داخل مجلس الأمن بشأن ذلك القرار الجديد .
وسيبقى ظهور كولن باول في مجلس الأمن في 5 شباط 2003 واحداً من أبشع الافتراءات في تاريخ الحملة المدبرة ضد العراق. فقد ذهب إلى مجلس الأمن وهو مستعد لخداع الأمم المتحدة والجمهور الأمريكي والجنود الذين كانت بلاده على وشك إرسالهم للقتل والموت في العراق. ومن الواضح الآن أن “الدليل” الذي قدمه باول ملفق وأنه تجاهل التحذيرات المتكررة بأن ما كان سيقوله هو كذب. وسيذكر العراقيون ما قاله باول وسيحمل هو بالتأكيد عار ذلك الظهور لبقية حياته. وعلى الرغم من أنه اعتذر لاحقاً عن نشر هذه التلفيقات إلا أن ذلك لا يغير حقيقة أنه كان أداة فاعلة في محاولات الإطاحة بالحكومة العراقية .
أكد كولن باول لمجلس الأمن أن “كل بيان أدلي به اليوم مدعوم بمصادر ومصادر صلدة. هذه ليست تأكيدات. ما نقدمه لكم هو حقائق واستنتاجات مبنية على معلومات استخباراتية متينة ” .
زعم باول أن العراق يتعاون مع القاعدة ويؤويها ويقدم التدريب لأعضائها وعرض صوراً لما زعم أنه معسكر تدريب للسموم والمتفجرات في شمال شرق العراق تديره القاعدة. وزعم باول أن معسكرات التدريب هذه كانت تعمل بمساعدة عملاء عراقيين على الرغم من حقيقة أن شمال العراق الكردي حيث كانت هذه المعسكرات المزعومة يقع خارج سيطرة حكومة الأمر الواقع العراقية في بغداد. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قد ذكرت في صباح ذلك اليوم نفسه أن تقريراً رسمياً للمخابرات البريطانية قدم إلى رئيس الوزراء توني بلير ذكر أنه لا توجد روابط حالية بين النظام العراقي وشبكة القاعدة . وذكر تقرير سري للغاية أن زعيم القاعدة أسامة بن لادن كان يرى أن حزب البعث الحاكم في العراق يتعارض مع دينه واصفا إياه بـ “النظام المرتد” وأن أهدافه “في صراع عقائدي مع العراق الحالي “.
كان هذا بعد أسبوع واحد من ادعاء بوش أن لديه أدلة على الصلات بين العراق والقاعدة في خطابه عن حالة الاتحاد:
تكشف أدلة من مصادر استخباراتية واتصالات سرية وتصريحات من قبل أشخاص رهن الاعتقال أن صدام حسين يساعد ويحمي الإرهابيين بمن فيهم أعضاء القاعدة. ويمكنه بسرية وبدون بصمات أصابع تقديم أحد أسلحته المخبأة للإرهابيين أو مساعدتهم على تطوير أسلحتهم الخاصة .
واستطرد بوش قائلاً
نعلم من ثلاثة منشقين عراقيين أن العراق كان لديه في أواخر التسعينيات العديد من مختبرات الأسلحة الحيوية المتنقلة وهي مصممة لإنتاج عوامل حرب جرثومية ويمكن نقلها من مكان إلى آخر لتفادي المفتشين. صدام حسين لم يكشف عن هذه المرافق ولم يقدم أي دليل على أنه دمرها.
ستطلب الولايات المتحدة من مجلس الأمن الدولي الانعقاد في الخامس من شباط المقبل للنظر في وقائع تحدي العراق المستمر للعالم. سيقدم وزير الخارجية باول معلومات واستخبارات حول برامج الأسلحة العراقية غير القانونية وبرامج الأسلحة العراقية المشروعة ومحاولته إخفاء تلك الأسلحة عن المفتشين وعلاقاتها بالجماعات الإرهابية .
عرض بأول تسجيلات صوتية لما قال إنها محادثات تم اعتراضها بين ضباط عراقيين كانوا يناقشون سبل إخفاء المواد المحظورة عن مفتشي الأمم المتحدة. ومن المثير للاهتمام أن نرى كيف قام باول ومساعدوه بتزوير الترجمة وإضافة تفسيرهم الخاص إلى محادثة باللغة العربية. إليكم ما قدمه باول:
وقد أرسلنا لكم رسالة أمس لتنظيف كافة المناطق ومناطق الخردة والمناطق المهجورة. تأكدوا من عدم وجود شيء هناك.
لكن التفسير الصحيح الذي نشرته وزارة الخارجية الأمريكية في النص الكامل للمحادثة هو:
وقد أرسلنا لكم رسالة لتفقد مناطق الخردة والمناطق المهجورة .
وأشار باول إلى أن العراق أنتج أربعة أطنان من غاز الأعصاب القاتل VX مؤكداً أن الأدلة تم الحصول عليها بعد انشقاق حسين كامل صهر صدام حسين الراحل. لكن باول أغفل الجزء الأكثر أهمية في القصة: أن العراق كان قد أنتج VX قبل حرب الخليج عام 1991وأن حسين كامل أخبر الأمريكيين ومسؤولي الأمم المتحدة أن كل هذه الأسلحة قد دمرت بأمر منه .
استخدم باول صور الأقمار الصناعية ليؤكد لأعضاء مجلس الأمن إلى أن استنتاجاته كانت نتيجة “عمل شاق لتحليل الصور” استغرق الخبراء “ساعات وساعات فوق طاولات مضيئة” لدعم الادعاءات بأن العراق ما يزال ينتج ويخفي أسلحة كيماوية. وزعم باول أن هذه الصور تظهر عراقيين يقومون “بتعقيم” المخابئ المستخدمة لتخزين الذخائر الكيماوية. واستبعد بأول مرة أخرى حقيقة أنه قبل أيام من عرض باول كان رئيس لجنة أنموفيك هانز بليكس قد دحض بالفعل هذه المزاعم في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز . وكان بليكس قد “تحدى العديد من تأكيدات إدارة بوش حول الغش العراقي وفكرة أن الوقت ينفد لنزع سلاح العراق من خلال الوسائل السلمية”. إليكم كيف نشرت صحيفة نيويورك تايمز المقابلة:
اعترض السيد بليكس على ما وصفه بادعاءات وزير الخارجية كولن باول بأن المفتشين وجدوا أن مسؤولين عراقيين يختبئون وينقلون مواد غير مشروعة داخل وخارج العراق لمنع اكتشافها. وقال إن المفتشين لم يبلغوا عن مثل هذه الحوادث.
وبالمثل قال إنه لم ير أدلة مقنعة على أن العراق كان يرسل علماء أسلحة إلى سورية أو الأردن أو أي دولة أخرى لمنع إجراء مقابلات معهم. كما أنه لم يكن لديه أي سبب للاعتقاد كما قال الرئيس بوش في خطابه بأن عملاء عراقيين يتظاهرون بأنهم علماء.
ونفى كذلك مزاعم إدارة بوش بأن وكالة التفتيش التابعة له ربما اخترقها عملاء عراقيون وأن معلومات حساسة ربما تم تسريبها.
وادعى بأول مستنداً إلى “شهود عيان” لم يذكر اسماءهم (الأمر الذي يذكرنا بـ “شاهدة العيان” سيئة السمعة في قضية الحاضنات في الكويت عام 1990) وشهادات من “منشقين” مجهولين أن العراق كانت لديه مرافق إنتاج متنقلة تستخدم لصنع العوامل الحيوية دون أن يقدم أي دليل حقيقي. واستخدم بأول في محاولة يائسة لشرح ما كان من المفترض أن تبدو عليه هذه المختبرات “المخططات” بناءً على الوصف المزعوم الذي قدمته تلك المصادر “غير المعروفة” قائلاً: “…… نحن نعرف كيف تبدو مكامن التخمير ونعرف ما هي الخزانات وكيف تبدو المضخات والمضاغط وأجزاء أخرى. نحن نعلم كيف يتم جمعها معاً. ونحن نعلم كيف تعمل. ونحن نعرف الكثير عن المنصات التي تم تركيبها عليها “. وفي عمل مسرحي مثير للسخرية يمتاز به السياسيون الأمريكيون أخرج باول بعد ذلك قنينة انبوبية تحتوي على مادة بيضاء للتأكيد على تهديد العراق الذي يُزعم أنه ما يزال يمتلك الجمرة الخبيثة .
ما تركه باول عمداً من عرضه هو أن الولايات المتحدة نفسها كانت تزود العراق بعوامل أسلحة الدمار الشامل. واختار عدم إخبار مستمعيه بأن المواد الحيوية لصنع الجمرة الخبيثة والجرثومة القولونية والتسمم الغذائي والأمراض العضوية الأخرى قد تم توفيرها للعراق من قبل شركة أمريكية وهي American Type Culture Collection بموجب عقود وافقت عليها وزارة التجارة الأمريكية وكان القصد منها على الأرجح استخدامها ضد إيران.
لم تقنع “الأدلة” التي قدمها باول روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وفشل في تغيير آرائهم بشأن الإذن بشن هجوم على العراق. ويبدو أنهم كانوا يعرفون من خلال استخباراتهم الخاصة ما تعرفه الولايات المتحدة: أن هذه افتراءات وأنه إذا تم تقديم مثل هذا “الدليل” في محكمة أمريكية فسيتم استبعاده لأنه لن يفي مطلقاً بالمطلب الأساس وهو “أنه لا يدع مجالاً للشك”. وما قدمه باول ليس أكثر من مزاعم قديمة مخزية وإشاعات واختراعات.
عندما أدرك الأمريكيون والبريطانيون أن قرارهم لن يتم تبنيه لجأوا إلى أسلوب تصعيد آخر: وهو الحاجة إلى التصرف دفاعاً عن النفس. لكن عرض فكرة وجودهم تحت التهديد الوشيك ولّد تناقضاً جديداً حاولت تلك الأطراف التغاضي عن مواجهته، ألا وهو أن دمج فئات مختلفة من الأسلحة في كلمة واحدة: هي أسلحة الدمار الشامل. ويوضح تقرير كارنيجي المشكلة بالطريقة التالية:
… تم بشكل منهجي الخلط بين الأسلحة النووية والكيميائية والحيوية: أي أنها تم التعامل معها على أنها تهديد واحد. وقد جعل امكانية ان يكون دقيقاً من الناحية الفنية القول بإن العراق كان يمتلك أو ربما ما يزال يمتلك أسلحة دمار شامل. إلا أن هذه التصريحات كانت مع ذلك مضللة بشكل خطير لأنها جمعت معاً الاحتمال الكبير بامتلاك العراق لأسلحة كيميائية والتي تشكل بحد ذاتها تهديداً بسيطاً مع الافتقار التام للأدلة على امتلاكه أسلحة نووية وهو ما كان سيكون تهديداً كبيراً. إن الحديث عن “غيوم الفطر في السحابة النووية” دفع الأمريكيين بالتأكيد إلى الاعتقاد بأن الأخيرة كانت جزءً من الصورة .
ومما يثبت كدليل إضافي على أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كانتا تصنعان “سبباً للحرب” بدلاً من الرد على تهديدات حقيقية بالهجوم أنهما شرعتا في تجسس مشين وغير مشرف ضد زملائهم من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد تم اتهام السيدة كاثرين جان الموظفة في هيئة الاتصالات الحكومية (GCHQ) تحت “قانون الأسرار الرسمية البريطاني” بجريمة الكشف عن بريد إلكتروني سري من جواسيس أمريكيين يطلب من الضباط البريطانيين الانصات لهواتف الدول التي تصوت على الحرب ضد العراق . وأكدت وزيرة مجلس الوزراء كلير شورت أن بريطانيا تجسست على الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قبل حرب العراق . وعندما كان من الواضح أنهم لن يدعموا مثل هذا القرار تعرض المدعي العام البريطاني اللورد جولدسميث لضغوط من نظرائه الأمريكيين لمراجعة رأيه المبكر بأن أي هجوم بدون موافقة محددة من الأمم المتحدة سيكون غير قانوني ليقول إن الهجوم قد تمت الموافقة عليه بالفعل من قبل القرار السابق المرقم (1441).
وقد نظمت احتجاجات ومظاهرات ضخمة في العديد من المدن حول العالم مع اقتراب خطر الحرب بعضها منسق ليحدث في وقت واحد. ووقعت أكبر هذه التظاهرات في 15 شباط 2003 بحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية حيث
[كان أكبر حدث في روما في إيطاليا حيث تجمع حشد من 3 ملايين للاحتجاج على تهديد الولايات المتحدة بغزو العراق. تشير أرقام الشرطة إلى أن ملايين آخرين تظاهروا في ما يقرب من 600 مدينة حول العالم: فقد تظاهر في نفس اليوم 1.3 مليون في برشلونة في إسبانيا وشارك مليون في مسيرة سلام عبر شوارع لندن في المملكة المتحدة وانضم 500 ألف شخص في ملبورن وسيدني في أستراليا إلى أكبر المسيرات منذ احتجاجات السلام في حرب فيتنام .
تشير التقديرات إلى أنه “بين 3 كانون الثاني و12 نيسان 2003 شارك قرابة 36 مليون شخص في ما يقرب من 3000 احتجاج في جميع أنحاء العالم ضد حرب العراق” . لكن ذلك لم يثنِ بوش أو أنصاره فقد استمر التخطيط للهجوم.
خاطب الرئيس بوش الشعب الأمريكي في 17 آذار 2003 بهذه الكلمات:
لا تترك المعلومات الاستخبارية التي جمعتها هذه الحكومة والحكومات الأخرى أي مجال للشك في أن النظام العراقي ما يزال يمتلك ويخفي بعضاً من أكثر الأسلحة فتكاً التي تم ابتكارها على الإطلاق. لقد استخدم هذا النظام بالفعل أسلحة الدمار الشامل ضد جيران العراق وضد الشعب العراقي.
إن النظام له تاريخ من العدوان الطائش في الشرق الأوسط ولديه كراهية عميقة لأمريكا وأصدقائنا وقد قام بمساعدة وتدريب وإيواء الإرهابيين بمن فيهم نشطاء القاعدة.
إن الخطر واضح: يمكن للإرهابيين باستخدام الأسلحة الكيماوية والحيوية أو النووية التي تم الحصول عليها في يوم من الأيام بمساعدة العراق تحقيق طموحاتهم المعلنة وقتل الآلاف أو مئات الآلاف من الأبرياء في بلدنا أو أي بلد آخر.
لم تفعل الولايات المتحدة والدول الأخرى شيئاً يستحق هذا التهديد أو يدعو إليه لكننا سنبذل قصارى جهدنا للتغلب عليه. وسنحدد مساراً نحو الأمان بدلاً من الانجراف نحو المأساة. ستتم إزالة هذا الخطر قبل أن يأتي يوم الرعب وقبل فوات الأوان للتصرف.
تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بالسلطة السيادية لاستخدام القوة في ضمان أمنها القومي. وهذا الواجب يقع على عاتقي بصفتي القائد العام للقوات المسلحة والقسم الذي أقسمته وبالقسم الذي سأحافظ عليه.
وقد صوت الكونجرس الأمريكي معترافا بالتهديد الذي يتهدد بلدنا وبأغلبية ساحقة العام الماضي لدعم استخدام القوة ضد العراق .
كما وجه بوش إنذارا لصدام حسين:
يجب أن يغادر صدام حسين وأبناؤه العراق في غضون 48 ساعة. سيؤدي رفضهم القيام بذلك إلى صراع عسكري يبدأ في الوقت الذي نختاره. ويجب على جميع الرعايا الأجانب – بمن فيهم الصحفيون والمفتشون – ومن أجل سلامتهم، مغادرة العراق على الفور.