صفحات من ترجمة كتاب “الإبادة في حصار العراق” – 27

صفحات من ترجمة كتاب الإبادة في حصار العراق 27

تأليف: د. عبد الحق العاني و د. طارق العاني

ترجمة: د. طارق العاني

================================================

الخلاصة

الحاجة إلى تحقيق قضائي مناسب

كان فرض العقوبات على العراق من أبشع الجرائم التي ارتكبت في القرن العشرين إلا أنها لم تلق سوى القليل من الاهتمام في العالم الأنجلو أمريكي. وعلى الرغم من التدمير الكارثي الناجم عن العقوبات لم تبذل محاولات جادة من قبل المهنيين القانونيين والجامعيين أو الفلاسفة لمعالجة النطاق الكامل لانعدام أخلاقية وشرعية هذه العقوبة الجماعية الإجرامية وغير المسبوقة.

تم تأسيس العراق السياسي الحديث باتفاقية سايكس بيكو بعد نهاية الحرب العالمية الأولى واختفاء الإمبراطورية العثمانية من أجزاء من بلاد ما بين النهرين المعرفة بموجب المفهوم السياسي القديم. وقد رفضت جميع الحكومات العراقية بين عشرينيات القرن الماضي وعام 2003 باستمرار اقتطاع دولة الكويت الحالية. ويحق لهذا المعترض المثابر بموجب القانون الدولي العام رفض الحدود التي وضعتها وفرضتها القوى الاستكبارية حتى لو أيدتها الأمم المتحدة فيما بعد. وكانت خطط الاستكباريين الغربيين للعالم العربي على مدى 200 عام الماضية كما أكد عليها وزير الخارجية البريطاني عام 19491 قد بدأت بتجاوز البريطانيين على أطراف الإمبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر مما أدى إلى الاحتلال الكامل للعراق خلال الحرب العالمية الأولى. واتخذت سيطرة البريطانيين على العراق عدة أشكال من الوجود العسكري والمعاهدات حتى الإطاحة بالملكية في عام 1958. إلا أنه وعلى الرغم من أن السيطرة البريطانية على العراق وبقية الخليج تضاءلت بعد الحرب العالمية الثانية فلم يكن هناك فراغ حين دخلت الولايات المتحدة. كانت الخطة الاستكبارية للعالم العربي تقوم على طرفين: أولهما أنه يجب منع العراق من أن يصبح نظاماً سياسياً متطوراً لأنه سيتحدى الدول الصغيرة التي تم إنشاؤها بشكل مصطنع على الخليج حيث كان معترضاً مستمراً. وثانيهما يجب منع أية وحدة عربية بأي ثمن. وقد تم تحقيق كلا الهدفين بقوة من قبل المملكة المتحدة في النصف الأول من القرن العشرين ومن قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة في النصف الثاني منه.

كان إنشاء دولة إسرائيل على وجه التحديد لخدمة غرض وجود حاجز جغرافي بين عرب الشرق الأوسط وعرب شمال إفريقيا إلى جانب حل المشكلة اليهودية للأوروبيين المتحضرين.

ونحن نعتقد أننا أثبتنا أن الحكومات المختلفة في العراق بغض النظر عن انتمائها السياسي للغرب كما حدث بين عامي 1920 و1958 أو استقلالها النسبي بعد عام 1958 قد عملت في حدود الوسائل المتاحة لبناء دولة حديثة مزدهرة تعمل بكفاءة. وكان لحزب البعث بعد توليه السلطة عام 1968 ثلاثة عوامل سهلت عليه دفع عجلة التنمية إلى أبعد مما حققه أسلافه. أولاً: كان لحزب البعث خطة سوقية طويلة الأمد. ثانياً: استمر لمدة طويلة نسبيا في السيطرة السياسية على العراق. ثالثاً: كان لديه المزيد من الإيرادات من الارتفاع الحاد لأسعار النفط بعد عام 1973 وتأميمه. ومكنت كل هذه العوامل البعث من تحويل العراق بين 1970 و1980 إلى دولة شبه صناعية كما وصفه2 أهتيساري عام 1991.

لقد كان إنجازاً هائلاً كما بينا في هذا الكتاب بالنسبة لدولة البعث التي تمكنت من تطوير العراق على كل المستويات في مثل هذا الوقت القصير. إن الموازنة بين عشر سنوات من تطور البعث في العراق وعشر سنوات مما يسمى بالعراق الديمقراطي منذ غزو 2003 أمر لا مفر منه. فعلى الرغم من التدفق الطبيعي للنفط والتقنيات الأمريكية والدعم والتسهيلات المتاحة له من أوروبا لم يحدث تطور في العراق بعد عام 2003. ولم يتمكن العراق الديمقراطي لمدة عشر سنوات من حل مشاكل الكهرباء. وما يزال العراقيون يعتمدون على المولدات المحلية لتزويدهم بالكهرباء الأساس للإضاءة والتبريد. أما تكييف الهواء الذي تشتد الحاجة إليه في درجات حرارة تزيد عن 50 درجة مئوية فهو رفاهية لا يمكن لأعلب العراقيين إلا أن يحلموا بها. ونحتاج إلى التذكير بأنه في الثمانينيات من القرن الماضي وخلال حكم البعث لم يوفر العراق الكهرباء الرخيص للجميع فحسب بل قام بتصدير الفائض إلى تركيا!

لم تدمر الولايات المتحدة / المملكة المتحدة وحلفاؤهما بين عامي 1990 و2003 ما بناه البعث فحسب بل في الواقع دمرت كل ما تم بناؤه في العراق الحديث منذ عشرينيات القرن الماضي. فدمرت جميع جوانب الحياة من خلال الهجوم الهائل عام 1991 وما بعده ما يقرب من 13 عاماً من الحصار التام. وعندما زار أهتيساري العراق في أبريل 1991 علق على أن العراق شبه الصناعي قد أعيد بالقصف إلى العصر الحجري.3 ونتساءل ما الذي كان أهتيساري سيقوله لو زار العراق عشية الغزو عام 2003.

لم يتم حتى الآن شرح سبب الدمار والقتل غير المسبوقين الذي أصاب العراق كما هو موضح في الكتاب. ولا نعرف أي شخص سواء كان سياسياً أو فقيهاً أو منظراً أو معلقاً إعلامياً أو أي شخص آخر توصل إلى سبب عقلاني لمثل هذه الأفعال الجماعية للإبادة الجماعية ضد شعب العراق. وإذا زعم أحد أن ذلك كان بسبب غزو العراق للكويت فعلينا أن نتذكر أن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة غزتا العديد من البلدان في القرن العشرين. وغزت مصر وضمت مثلث حلايب من السودان وهي منطقة أكبر من الكويت دون كلمة اعتراض من المجتمع الدولي. وإذا كان الأمر يتعلق بأسلحة الدمار الشامل المزعومة التي يعرف الجميع ممن لديهم معرفة بالعلوم في المدارس الثانوية أنه ما دام العراق لم تكن لديه هذه الأسلحة في التسعينيات وبالتأكيد لم يستخدمها أبداً فيجب أن نتذكر أن كلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل فردي كانت لديهما ترسانات ضخمة وقد قامتا باستخدامها. ونشير هنا إلى الأسلحة النووية التي تستخدمها الولايات المتحدة واليورانيوم والقنابل العنقودية والفوسفور والنابالم وغيرها التي يستخدمها كلاهما والتي يتم تصنيفها على أنها أسلحة دمار شامل. وإذا كان الأمر يتعلق باحترام حقوق الإنسان فيجب أن نتذكر أن المملكة المتحدة / الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءهما الأوروبيين يدعمون أكثر الأنظمة القمعية في شبه الجزيرة العربية والخليج وأماكن أخرى في العالم. ويجب أن يكون واضحاً للجميع أن العراق لم يهدد أبداً الولايات المتحدة الأمريكية أو المملكة المتحدة أو أية دولة أوروبية من الدول التي كانت مستعدة جداً لإرسال قواتها لمهاجمة العراق أو ضمان استمرار حصاره التام.

ويمكننا فقط أن نستنتج أنه كان الشر المطلق الذي كان عنصراً أساساً في الخطة الاستكبارية للعالم العربي في الشرق الأوسط نفس الشر الذي كتب عنه في الكتاب المقدس والقرآن وهيجيل على سبيل المثال لا الحصر.

وقد يسأل طالب القانون الدولي أو السياسة بشكل مشروع كيف كان من الممكن السماح بمثل هذه الإبادة الجماعية بعد اتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الثانية والوعي بويلات الحروب التي تم إنشاء الأمم المتحدة الجديدة لمنعها؟ ويكمن السبب في اعتقادنا في العيب الأساس لميثاق الأمم المتحدة الذي فرض ببساطة إرادة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية على بقية العالم من خلال إنشاء مجلس الأمن الذي اغتصب إرادة المجتمع الدولي وأعطى نفسه سلطات مطلقة ليقرر وينقض، وانتهى به المطاف إلى أن يصبح محكمة قانونية يكون هو فيها الادعاء والقاضي وهيئة المحلفين دون استئناف. وكان مجلس الأمن بفرضه العقوبات على العراق وإبقائها لما يقرب من 13 عاماً هو كذلك على وجه التحديد ونجا من عقوبة القتل بالإبادة الجماعية!

لقد طالبنا بإصلاح كبير للأمم المتحدة يخلق نظاماً متوازناً وعادلاً لن تتمكن فيه أي دولة مهما كانت عظيمة من إخضاع العالم لابتزازها وتتم فيه تسوية النزاعات من قبل محكمة دولية مستقلة عن الأمم المتحدة وتكون أحكامها قابلة للتنفيذ.

وقد قمنا بتصنيف الانتهاكات والجرائم المرتكبة خلال سنوات العقوبات الشاملة. وكان أحد أهدافنا هو تسليط الضوء على حجم الموت والدمار بحيث لا يتم اتخاذ مثل هذه التدابير مرة أخرى ضد أية دولة أخرى في المستقبل. والغرض الثاني والذي ليس أقل أهمية هو ضمان إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضد مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات.

وقد تم إلى جانب انتهاك حقوق الإنسان الأساس، كما قبلتها جميع دول العالم، لشعب العراق في ارتكاب العدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية كما فصلناه في الفصول السابقة. وقد تم تعريف هذه الجرائم دائماً بموجب القانون الدولي العام قبل إدراجها في اتفاقيات جنيف والنظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية.

من هم الجناة؟

لقد أوضحنا أن هناك ثلاث فئات من مرتكبي الجرائم ضد العراق وهي: الدول والمسؤولون الحكوميون وأعضاء الهيئات الدولية. تشمل الفئة الأولى كل دولة صوتت على القرار 687 (1991) لفرض عقوبات إبادة جماعية كاملة على العراق بعد انسحابه من الكويت ونهاية الأعمال العدائية. وتشمل الفئة الثانية كل عضو في حكومتي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة الذين شاركوا في ارتكاب هذه الجرائم. ويجب بالنسبة للولايات المتحدة أن تتضمن القائمة كل عضو من إدارات بوش الأب وكلينتون وبوش الابن. كما يجب أن يشمل القائمة العسكريين الذين أشرفوا على فرض عقوبات وهجمات عسكرية على المنشآت المدنية العراقية بين عامي 1991 و2003. وأخيراً وليس آخراً يجب أن يشمل كل ممثل للولايات المتحدة الأمريكية كان عضواً في لجنة العقوبات وقرر حرمان العراقيين من أساسيات احتياجاتهم الحياة.

ويجب بالنسبة للمملكة المتحدة أن تتضمن القائمة كل عضو في وزارات جون ميجور وتوني بلير. ويجب على غرار حالة الولايات المتحدة الأمريكية أن تضم القائمة أيضاً جميع القادة العسكريين وممثلي المملكة المتحدة في لجنة العقوبات.

يجب أن تشمل الفئة الثالثة أي عضو في هيئة تابعة للأمم المتحدة سواء كانت موجودة أو تم إنشاؤها من أجل العراق والذي شارك في حملة مخططة للخداع والمعلومات الخاطئة التي تمكنت من خداع الناس بشكل عام إلى الاعتقاد بأن العراق لم يقم بواجبه كما طالبت قرارات مجلس الأمن الظالمة. ومن بين أعضاء هذه الفئة الدكتور محمد البرادعي وأعضاء مجلس إدارته في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورولف إيكيوس أول رئيس للجنة الخاصة وخليفته ريتشارد بتلر. والدكتور هانز بليكس بصفته رئيس لجنة الأنموفيك والذي واصل عن علم إبلاغ العالم حتى عشية الغزو أنه لم يكن متأكداً من أن العراق كان خالياً من أسلحة الدمار الشامل مع أنه كعالم مشهور يعرف جيداً أنه مع توفر التقنيات المتاحة فإنهم كان بإمكانهم أن يكتشفوا أي آثار للإشعاع النووي والمخلفات الكيميائية في العراق خاصة وأنهم قاموا بتفتيش كل ركن منه حتى غرفة نوم الرئيس!

كيفية بدء الإجراءات القانونية

هناك العديد من الأماكن لبدء إجراءات قانونية ضد كل من فئات الجناة المذكورة أعلاه. ونحن ندرك أن الحكومات العراقية التي أعقبت غزو عام 2003 على غرار الحكومات العراقية في عشرينيات القرن الماضي لم تكن تضم سوى عملاء وأدوات للولايات المتحدة ولا مفاجأة في هذا الواقع بل أن العكس كان سيكون مفاجئاً. إذ من غير المتصور أن قوة احتلال ستتحمل كل الجهد والكلفة لغزو واحتلال بلد فقط للسماح له باختيار حكومة تعارض مصالح الغزاة. ومع ذلك وكما هو الحال في أي احتلال سيأتي الوقت الذي سيسيطر فيه الشعب العراقي على شؤونه ويزيل جميع عملاء الغزو. عندها نعتقد أن الحكومة العراقية الوطنية سترفع دعوى أمام محكمتين دوليتين، وهما محكمة العدل الدولية والمحكمة الأوروبية، ضد كل دولة صوتت لصالح العقوبات الشاملة ضد العراق بعد انسحابه من الكويت. وينبغي أن يستند هذا الإجراء إلى حقيقة أن فرض عقوبات شاملة كان إبادة جماعية وأن مجلس الأمن ليست لديه سلطة خرق قاعدة قسرية من قواعد القانون الدولي العام. ومن المرجح جداً أن تجد محكمة العدل الدولية صعوبة أكبر في مواجهة مجلس الأمن لأنها قد ابتعدت تاريخياً عن النظر حتى في شرعية قراراته.

أما في حالة المحكمة الأوروبية وعلى الرغم من أن اختصاصها ينطبق فقط على الدول الأوروبية فإن فرصة النجاح أعلى بكثير نظراً لأن المحكمة قد أنشأت سابقة في قضية قاضي4 وأن واجبها هو رؤية أن قرار مجلس الأمن يمتثل لسيادة القانون داخل الاتحاد وأن أية دولة تثبت إدانتها ستضطر إلى دفع تعويضات الحرب. وسيكون لهذا الحكم تأثير رادع على أي دولة تفكر في فرض عقوبات إبادة جماعية شاملة على أية دولة أخرى في المستقبل.

وعلى الرغم من أن الأفراد لا يستطيعون الوصول إلى محكمة العدل الدولية إلا أنه يمكنهم الوصول إلى المحاكم المحلية في أوروبا. ويستطيع أي عراقي كان قد عانى من فرض العقوبات أن يرفع قضية ضد الدول الأوروبية التي طبقت العقوبات عليه بالاعتماد على حكم المحكمة الأوروبية في قضية قاضي“. ويجب أن يتمكن الآلاف من العراقيين من الحصول على تعويض لمعاناتهم بعد هذا الحكم العادل الذي أصدرته المحكمة الأوروبية والذي وضع نهاية للحالة الغريبة التي سادت في أوروبا والتي سمحت فيها الحالة القائمة لما يسمى أعمال الدولةأن تكون خارجة عن سيادة القانون مهما كانت تلك الأعمال غير قانونية.

أما في حالة الأفراد من أعضاء إدارتي الولايات المتحدة الأمريكية / المملكة المتحدة وأعضاء الهيئات الدولية المشار إليها أعلاه فهناك طريقتان لبدء الإجراءات القانونية. وحيث إنه ليس للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص في الجرائم التي ارتكبت قبل دخولها حيز التنفيذ فإن الجرائم التي ارتكبت في العراق خلال الحصار تقع خارج نطاق سلطتها ونحن لا نأسف ​​لذلك. لأننا نعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية تم إنشاؤها لمحاكمة الأشخاص الذين كانت القوى العظمى غير راضية عنهم. فالمادة 16 من النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية جعلتها خاضعة لتدخل مجلس الأمن الذي يمكن أن يوقف أي إجراء في المحكمة إلى أجل غير مسمى دون إبداء الأسباب. ولا يمكن توقع العدالة من مثل هذه المحكمة التي لن تكون قادرة على توجيه الاتهام إلى أي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وعندما سئل رئيس المحكمة الجنائية الدولية عقب محاضرة ألقاها في المعبد الأوسط في لندن عام 2007 حول إمكانية توجيه الاتهام إلى السيد بوش والسيد بلير رد بضحكة عالية!

إلا أن كل واحدة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد العراق يمكن توجيه الاتهام إليها أمام المحاكم المحلية في جميع الدول المتحضرةإما بموجب تشريع صدر بعد اعتماد اتفاقيات جنيف واتفاقية الإبادة الجماعية أو بحكم احتسابها جرائم تحت القانون الدولي العالم فيتم توجيه الاتهام إليها تلقائياً أمام المحاكم المحلية. إن الأفراد العراقيين الذين عانوا في ظل نظام العقوبات قادرون على اختيار المسار الذي سيتبعونه اعتماداً على الدولة التي يبدؤون فيها الإجراءات القانونية. فقد تم التصديق في الولايات المتحدة على كل من اتفاقيات جنيف واتفاقية الإبادة الجماعية قبل عام 1991. ويمنح التصديق على اتفاقية في الولايات المتحدة الأمريكية المحاكم المحلية اختصاصاً لمحاكمة أي جريمة بموجب تلك الاتفاقية. ويجب أن يكون ممكناً لأي عراقي الشروع في إجراءات قانونية ضد خرق هذه الاتفاقيات. وإذا وجدت المحاكم أن التشريعات التنفيذية لن تسمح بتقديم مثل هذا الإجراء فيجب أن تكون الشكاوى المستندة إلى القانون الدولي العام متاحة للمشتكين.

لكن الأمر أكثر تعقيداً قليلاً في حالة المملكة المتحدة. فعلى الرغم من أن المملكة المتحدة تسن تشريعات وطنية فور انضمامها إلى أي معاهدة تتطلب تغييرات في قانون المملكة المتحدة لمنحها الاختصاص القضائي المحلي إلا أنها تضيف دائماً شرطاً لذلك التشريع في شكل الحاجة إلى موافقة المدعي العام لبدء إجراءات جنائية. ولا نعلم بوجود حالة واحدة منح فيها المدعي العام الموافقة على اتهام مسؤول بريطاني بموجب مثل هذا التشريع. ونحن نعتقد أن مثل هذا الطريق قد يكون عديم الجدوى طالما أن المدعي العام في المملكة المتحدة غير مسؤول أمام أي شخص. إلا أن هناك طريق آخر مفتوح للعراقيين الذين عانوا من العقوبات التي فرضها وأبقى عليها المسؤولون البريطانيون وهو الاعتماد على القانون الدولي العام. إذ أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كانت دائماً جرائم بموجب القانون الدولي العام وكانت الإبادة الجماعية قاعدة قسرية في القانون الدولي لا يسمح بتقييدها. وكل ما فعلته اتفاقيات جنيف واتفاقية الإبادة الجماعية والنظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية هو دمج تلك الجرائم في معاهدات. ولا يعني هذا الدمج أن القانون العام لم يعد صالحاً بل يقوم القانون الدولي العام بالتوازي مع المعاهدات والاتفاقيات. وقد اتفق معظم الفقهاء والقضاة على أن القانون الدولي العام واجب التطبيق في المحاكم البريطانية. ونحن لدينا شكوكنا في أعقاب حكم اللورد بينغهام في قضية جونز وآخرين5 حيث قرر إنه على الرغم من أن العدوان جريمة بموجب القانون الدولي العام إلا أنه يتطلب تشريعاً من مجلس النواب بذلك قبل أن يصبح فاعلا أمام المحاكم البريطانية. ويمكن لأية دعوى جنائية يقوم بها عراقي ضد توني بلير أو أي عضو في حكومته أن تختبر حكم اللورد بينغهام. ومع ذلك ما يزال ممكناً إذا فشل الطعن أمام المحكمة العليا في المملكة المتحدة أن يتم الطعن فيه أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

بعد أن ناقشنا الطرق المختلفة المتاحة لحكومة عراقية حرة وللأفراد العراقيين ما زلنا نود النظر في إمكانية وجود طريق آخر لمعاقبة مرتكبي الجرائم ضد العراق والحصول على التعويضات. ونحن ندعو إلى إنشاء محكمة خاصة مثل محكمة نورمبرغ وتطبيق المبادئ نفسها التي تم تطبيقها في نورمبرغ وأيدتها الولايات المتحدة / المملكة المتحدة وحلفاؤهما كمبادئ وسوابق أخلاقية عالية. ويمكن إنشاء مثل هذه المحكمة من لجنة دولية من القضاة والمدعين العامين وتقوم بتطبيق إجراءات ومبادئ متطابقة مع تلك الخاصة بنورمبرغ. ويبدو لنا أنه سيكون من المستحيل تقريباً على الأشخاص الذين يجادلون بالقيم الأخلاقية والقانونية العالية لنورمبرغ أن يرفضوا تطبيق المبادئ الستة التي أقرتها تلك المحكمة.

عمل في محكمة نورمبرغ قضاة ومدعون من الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية: الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد السوفييتي وفرنسا. وقد أدين المتهمون بارتكاب ثلاث جرائم رئيسة هي: الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ونحن نعتقد إن كل هذه الجرائم إلى جانب الإبادة الجماعية يجب أن تشكل قواعد الاتهام لأنها ارتكبت جميعا بحق العراق.

إنه لأمر محزن أنه بعد هذا العدد الكبير من القتلى بدون سبب والكثير من الدمار وحرب واحدة واثنتي عشرة سنة من الحصار والغزو والاحتلال انتهينا إلى أن يتم منح مرتكبي الإبادة الجماعية في العراق مناصب سياسية واجتماعية عليا كما هو الحال في حالة توني بلير أو الاستمتاع بالحياة مع المجد في المناصب عالية الأجر كما في حالة جون ميجور. وإذا لم تجر حتى محاولة الانتصاف فسوف ينزلق العالم إلى مثل هذا الانحلال الأخلاقي بحيث تتكرر عمليات الإبادة الجماعية المماثلة على نطاق متزايد.

وبما أنه لا يوجد تقادم فيما يتعلق باتخاذ الإجراءات في أي من الجرائم المرتكبة ضد العراق فمن المأمول ألا يكون هذا الكتاب بمثابة لائحة اتهام وعائق ضد فرض عقوبات عالمية في المستقبل فحسب بل كأداة في جلب الجناة الفعليين لهذه الجريمة إلى يوم إصدار الأحكام على غرار ما حدث في نورمبرغ.

قائمة الجداول

الجدول 3.1 خطة التنمية الوطنية: الزيادات الإجمالية المتوقعة في بعض المؤشرات الاقتصادية، 1970-1974

Alnasrawi, Abbas, The Economy Of Iraq/ Oil, Wars, Destruction of Development and Prospects

1950-2010, Greenwood Press Westport, Connecticut, 1994, page 64

الجدول 3.2 نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي 1969-1974

The National Development Plan 1970-1974, April 1970,

Government Press- Baghdad 1971, p. 147

الجدول 3.3 التخصيصات المنقحة والنفقات الفعلية والتخصيصات الأصلية

والعائدات 1970-1974 (مليون دينار عراقي)

Alnasrawi, Abbas, The Economy Of Iraq/ Oil, Wars, Destruction of Development and Prospects

1950-2010, Greenwood Press Westport, Connecticut, 1994, page 71

الجدول 3.4 مخصصات القطاعات بموجب الخطط السنوية 1976-1980 (بالمليون دينار)

The National Development Plan 1970-1974, April 1970,

Government Press- Baghdad 1971

الجدول 3.5 مخصصات الناتج المحلي الإجمالي للفترة ما بين 1970-1990

Alrubaie, Falah, An Evaluation to Industrial Development in Iraq

During 1975-1990”- Omar Almukhtar University, Libya,

January 2004 (in Arabic), p. 5-8

الجدول 3.6 إيرادات النفط وانتاج النفط والناتج المحلي الإجمالي والسكان 1960-1995

Alnasrawi, Abbas, Iraq: economic embargo and predatory rule, 2000, p. 3-4 http://www.casi.org.uk/info/alnasrawi9905.html

الجدول 3.7 أهم المشاريع الصناعية التي أنجزها القطاع العام في العراق بين 1969 و1980

Kiryakos, Saad, The 17-30 July Revolution, (in Arabic), Part III

<http://www.almansore.com/drasat/DR SaadDawood Part306-10-07.htm>

الجدول 3.8 اهم المشاريع الزراعية لمزارع الدولة ومساحاتها الكلية

Kiryakos, Saad, The 17-30 July Revolution, (in Arabic), Part IV

<http://www.almansore.com/drasat/DR-SaadDawood Part406-11-07.htm>

الجدول 3.9 أهم مشاريع الإرواء المنجزة بين عامي 1968 و1980

Kiryakos, Saad, The 17-30 July Revolution, (in Arabic), Part IV

<http://www.almansore.com/drasat/DR-SaadDawood Part406-11-07.htm>

الجدول 4.1 تطور المدارس الابتدائية

Abbas, Kadhim & Abdullah, Iyad, The Flourishing of Education under the

Ba’ath Rule, (in Arabic), Part I 2009

<http://www.alrafdean.org/node/109440>

الجدول 4.2 المدارس الثانوية

Abbas, Kadhim & Abdullah, Iyad, The Flourishing of Education under the

Ba’ath Rule, (in Arabic), Part II 2009

<http://www.alrafdean.org/node/109543>

الجدول 4.3 الجامعات والمدرسين

Abbas, Kadhim & Abdullah, Iyad, The Flourishing of Education under the

Ba’ath Rule, (in Arabic), Part II 2009

<http://www.alrafdean.org/node/109543>

الجدول 4.4 وفيات الأطفال والرضع: 1960 1998

Humanitarian Assistance Capacity in Iraq: Part I, CARE International and Johns Hopkins

University, January 2003, p. 14, <http://www.who.int/disasters/repo/9353.pdf>

الجدول 4.5 مؤشرات النمو الكمي للمؤسسات الطبية والعاملين بها

Abbas, Kadhim & Abdullah, Iyad, The Flourishing of Health under the

Rule, (in Arabic) 2009 <

http://www.wata. cc/forums/showthread.php?t=54240>

الجدول 4.6 مؤشرات مختارة في العراق قبل العقوبات 1988-1989

The Health Conditions Of The Population In Iraq Since The Gulf Crisis,

World Health Organization, March 1996

<http://www.who.int/disasters/repo/5249.html>

الجدول 5.1 المنشآت والمرافق التي تضررت خلال الغارات على العراق عام 1991

Al-Azzawi, Souad Nagi, The Great Recosntruction Campaign 1991-1993 (in Arabic) <http://www.albasrah.net/pages/ mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2008/1108/ i3mar1_131108.htm>

الجدول 5.2 متوسط عدد الوفيات المبلغ عنها بين الأطفال دون سن الخامسة لكل 100 ألف في الشهر

Garfield, Richard, Morbidity and Mortality Among Iraqi

Children from 1990 Through 1998: Assessing the Impact of the Gulf War and Economic Sanctions, <http://www.casi. org.uk/info/garfield/dr-garfield.html>

الجدول 5.3 تدهور الأوضاع الصحية للأطفال العراقيين

Garfield, Richard, Morbidity and Mortality Among Iraqi

Children from 1990 Through 1998: Assessing the Impact of the Gulf War and Economic Sanctions, <http://www.casi. org.uk/info/garfield/dr-garfield.html>

الجدول 6.1 مفاضلة بين القرارين 660 (1990) و509 (1982)

الجدول 8.1 عدد الطلبات الإنسانية الموافق عليها أو المعلقة أو المحظورة 1997-2003

ملخص التقارير السنوية للجنة العقوبات

الجدول 8.2 عدد طلبات الإعفاء الإنسانية الموافق عليها أو المعلقة أو المحظورة 1997-2000

ملخص التقارير السنوية للجنة العقوبات

الجدول 8.3 عدد طلبات قطع غيار النفط المعتمدة أو المعلقة أو المحظورة 1997-2003

ملخص التقارير السنوية للجنة العقوبات

1 As quoted in Saleh, Zaki, Britain and Iraq: A Study in British Foreign Affairs, London, Books & Books 1995, p. xl

2 “The recent conflict has wrought near-apocalyptic results upon the economic infrastructure of what had been, until January 1991, a rather highly urbanized and mechanized society. Now, most means of modern life support have been destroyed or rendered tenuous. Iraq has, for some time to come, been relegated to a pre-industrial age, but with all the disabilities of post-industrial dependency on an intensive use of energy and technology.” Report on humanitarian needs in Iraq in the immediate post-crisis environment by a mission to the area led by the Under-Secretary- General for Administration and Management, 10- 17 March 1991, S/22366, 20 March 1991 <http://www.casi.org.uk/info/undocs/ s22366.html>

3 المصدر نفسه.

4 Joined Cases C-402/05 P and C-415/05 P, Yassin Abdullah Kadi and Al Barakaat International Foundation v Council of the European Union and Commission of the European Communities, Judgment of 3 September 2008.

5 R v Jones; Ayliffe v DPP; Swain v DPP [2006] UKHL 16, [2007] 1 AC 136.

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image