صفحات من ترجمة كتاب “الإبادة في حصار العراق” – 22
تأليف: د. عبد الحق العاني و د. طارق العاني
ترجمة: د. طارق العاني
================================================
الفصل السابع
اتفاقية الإبادة ومسألة النية في ارتكابها
إن المهم أن نتذكر أن القوى العظمى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية قد استفادت من بيئة ما بعد الحرب وكذلك موقعها المتميز كمنتصرة في الصراع لتعريف جريمة الإبادة الجماعية بطريقة لا تشكل تهديداً للوضع القائم ولا لبحث تلك القوى عن زيادة سيطرته وقوتها في السنوات التي تلت الحرب. وهكذا تمت صياغة نص اتفاقية 1948 بطريقة لا تقيد سلوك واضعيها في المستقبل. 1 ويؤكد (ليبمان) أن “كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على سبيل المثال كانا مترددين في قبول المعايير التي يمكن استخدامها للحد من نشاطهما في سعيهما للهيمنة العالمية.” 2 وتمت في ظل هذه البيئة صياغة مؤسسات القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية الإبادة الجماعية وفقاً لمصالح المنتصرين. ونحن نرى أن (دروموند) كانت في رأينا على حق حين قالت: “تعرضت فعالية الوثيقة [الاتفاقية] للخطر لأن الشاغل الأساس لأقوى البلدان في ذلك الوقت لم يكن وضع قانون يخدم المبادئ المشتركة أو القيم المشتركة ولكن تعزيز مصالح قوتهم. وهذا يفسر سبب انتهاء الاتفاقية بتعريف محدود للغاية للإبادة الجماعية وحماية المجموعات التي تم تعريفها في الوثيقة فقط بدلاً من كل مجموعة. ونتيجة لهذه العيوب أصبحت لها آثار محدودة للغاية في الممارسة الدولية.”3 وعلى الرغم من هذه العيوب الكبيرة وإدراكاً بأن المنتصرين يفرضون مشيئتهم على النظام العالمي دائًما إلا أننا نستهل بالقول بأن اتفاقية الإبادة الجماعية حتى في صيغتها النهائية قد تم خرقها من خلال العقوبات الكلية المفروضة على العراق من قبل القوى العظمى نفسها التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية قبل خمسين عاماً تقريباً.
خلفية اتفاقية الإبادة الجماعية واعتمادها
تعود جذور اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (CPPCG) إلى طلب تقدمت به وفود كوبا والهند وبنما بتاريخ 2 تشرين الأول/ نوفمبر 1946 إلى الأمين العام للأمم المتحدة لإدراج فقرة في جدول أعمال الجمعية العامة حول منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.4 ومرت العملية بين تقديم ذلك الطلب واعتماد الجمعية العامة بالإجماع (باستثناء جنوب أفريقيا) في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1948 للمشروع النهائي للاتفاقية بعدة مراحل بين الحماس والتراجع. ولعل من بين هذه المراحل أهمية تلك المرحلة التي طلب فيها الأمين العام من شعبة حقوق الإنسان في الأمانة وضع مشروع الاتفاقية. واختلف المشروع الأول للاتفاقية الذي تم وضعه بمشورة الخبراء اختلافاً كبيراً عن المشروع النهائي المعتمد. فقد كان من بين السمات الرئيسة للمسودة الأولى الطموحة والتي لم يتم إدراجها في المسودة النهائية، والتي يكون الاقتباس منها هنا مناسباً لأنها تظهر عمق قلق الدول بعد الحرب العالمية الثانية، ما يلي:
1. احتوى المشروع في المادة الأولى (1) على تعريف الجماعات المحمية بقوله “الغرض من هذه الاتفاقية هو منع تدمير المجموعات العرقية أو القومية أو اللغوية أو الدينية أو السياسية من البشر“.
2. أشار المشروع في تعريفه للإبادة الجماعية على أنها تعني “فعلا إجراميا موجها ضد أي من مجموعات البشر المذكورة آنفاً بهدف تدميرها كلياً أو جزئياً أو منع حفظها أو تطورها.” وهناك نقطتان ذواتا صلة تستحقان التركيز هنا أولاهما هو تجاوز البيان أعلاه المسودة النهائية في توسيع نطاق الإبادة الجماعية ليشمل ليس فقط التدمير ولكن أيضاً “منع الحفاظ على الجماعات المحمية وتطويرها.” والأهم من ذلك هو حقيقة أن المسودة الأولى على عكس المسودة النهائية لم تتطلب ارتكاب هذه الأعمال عن قصد. ومن الواضح أن أولئك الذين كتبوا المسودة الأولى كانوا مقتنعين بأن الإبادة الجماعية هي جريمة ذات مسؤولية صارمة ونحن نتفق مع هذا الرأي. وبخلاف ذلك إذا كان لا بد من إثبات النية كما تتطلب المسودة النهائية فيمكن للمعتدي أن يبيد مجموعة عرقية حتى بتهور ويجادل في الدفاع بأنه لا يمكن إثبات نيته القيام بذلك.
3. تضمن المشروع الأول خلافاً للمشروع النهائي في تعريف الإبادة الجماعية أعمال الإبادة الجماعية البيولوجية مثل تحديد الولادات والإبادة الثقافية.
4. وتضمن المشروع الأول فيما يتعلق بالجرائم التي يعاقب عليها القانون قسماً يحدد تفاصيل الأعمال التمهيدية لارتكاب الإبادة الجماعية ويفصل كل الدعاية العامة المصممة للتحريض على ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية.
5. تضمن المشروع الأول من بين أحكامه أن “إطاعة القانون أو الأوامر العليا لا تسوغ الإبادة الجماعية” وهذا يتماشى مع المبدأ المماثل الذي أقرته اتفاقيات جنيف. وتجدر الإشارة إلى أن المسودة النهائية صامتة بشأن هذا الحكم مما يترك المسألة مفتوحة للنقاش.
ردود الأفعال على الاتفاقية أثناء المداولات
تلقت الاتفاقية التي تم تبنيها بتصويت الأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1948 ردود فعل متفاوتة تتراوح بين الحماس إلى اللامبالاة. وكان من أبرز المتحمسين هربرت ف. إيفات رئيس وزراء أستراليا آنذاك الذي أشار في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 بعد اعتماد الاتفاقية إلى أنها “حدث صنع حقبة في تطوير القانون“. وذهب حماسه إلى أبعد من ذلك في اعتقاده الشغوف بأنه: “سنقوم من خلال الاتفاقية بإنشاء ضمانات فردية لوجود مثل هذه الجماعات البشرية … ونعلن اليوم في المجال المتعلق بالحق المقدس لوجود الجماعات البشرية سيادة القانون الدولي إلى الأبد.” 5
ونذكر رأيين آخرين من المتحمسين لإظهار المواقف المختلفة جوهرياً بين العقل الاستكباري وعقول الناس العاديين. فقد أفادت التقارير أن الشاعرة التشيلية المعروفة ميسترال غابريا التي عبرت عن مشاعر الملايين من الناس في العالم الذين شهدوا مذبحة حربين أوروبيتين في قرن واحد في قولها إن الاتفاقية “تستحق احترام الجميع ودعمهم ولا ينبغي أبداً إضعافها أو التحايل عليها من خلال إجراءات معاكسة … يمكن إرجاع نجاح اتفاقية الإبادة الجماعية اليوم ونجاحها الأكبر غداً إلى حقيقة أنها تستجيب لضرورات ورغبات ذات طبيعة عالمية: فهي تحمل كلمة الإبادة الجماعية التي هي في حد ذاتها حكم أخلاقي على الشر الذي يوافق عليه كل رجل وامرأة.” 6
بينما كان النائب العام للولايات المتحدة آنذاك فيليب بيرلمان على النقيض من ذلك، فقال إن “تصديق الولايات المتحدة سيوفر قدراً من الحماية لأولئك التعساء الذين ما زالوا يعيشون في خوف من التعذيب والموت على أيدي الحكام أو الديكتاتوريين القاسين والمتوحشين الذين يستحوذون أو قد يصبحون مهووسين بفكرة أنهم ينتمون إلى عرق رئيس أو أنهم رسل عقيدة مهمة لإبادة الأجناس والعقائد الأخرى.” 7
ومن الواضح أن بيرلمان كان يشير إلى طغاة (دكتاتوريي) العالم الثالث والدول الشيوعية فهو لم يستطع أن يعترف أبداً بأن أمريكا في ذلك اليوم كانت قائمة على الإبادة الجماعية التي ارتكبها أسلافه غير البعيدين!
تم تسليط الضوء على هذا الموقف في البيان غير الواعي الذي أدلى به جون فوستر دالاس مهندس الاستكبار الذي أعرب لدى مخاطبته اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الأمريكي في 6 نيسان/ أبريل 1953 عن شكه في إمكانية تحقيق الاتفاقية لهدفها على النحو المتوخى من قبل صائغيها. وكان سبب شكه المزعوم هو أن الاتحاد السوفييتي ومن يسير في فلكه إما رفضوا التصديق على الاتفاقية أو صدقوا عليها بتحفظات جدية.8 ولم يكلف أي مسؤول في وزارة الخارجية أو مجلس الشيوخ نفسه عناء تصحيح هذه المعلومات الخاطئة التي وضعها دالاس أمام مجلس الشيوخ والعالم بأسره. ولو كلف أي شخص نفسه عناء إجراء مكالمة هاتفية إلى الأمم المتحدة لكان قد اكتشف ما يلي:
1. كان الاتحاد السوفياتي، وأربعة من توابعه: تشيكوسلوفاكيا وبيلوروسيا وأوكرانيا ويوغوسلافيا، من بين الدول العشرين الأولى الموقعة على الاتفاقية بعد اعتمادها في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1948
2. كانت الدول الشيوعية التالية قد صدقت بحلول الوقت الذي أدلى فيه دالاس ببيان أمام مجلس الشيوخ على الاتفاقية بالفعل وهي: بلغاريا: 21 تموز/ يوليه 1950؛ يوغوسلافيا: 29 آب/ أغسطس 1950؛ رومانيا: 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1950؛ بولندا: 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1950؛ تشيكوسلوفاكيا: 21 كانون الأول/ ديسمبر 1950؛ والمجر: 7 كانون الثاني/ يناير 1952.
3. لم تكن الولايات المتحدة ولا المملكة المتحدة عندما أدلى دالاس ببيانه قد صدقت على الاتفاقية بعد! وفي الواقع لم تصدق عليها المملكة المتحدة إلا في عام 1969 والولايات المتحدة حتى وقت لاحق. وقد لا تكون المعلومة شائعة بشكل عام لكننا نعتقد أنه من الجدير تذكير الناس أنه على الرغم من كل المعلومات الخاطئة من دالاس فيما يتعلق بمقاومة الشيوعيين للاتفاقية فإن الولايات المتحدة لم تنضم إلى الاتفاقية إلا في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1988 عندما وقع الرئيس رونالد ريغان قانون تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية9 أي بعد أربعين سنة من اعتمادها والتصديق عليها من قبل معظم الدول الشيوعية. أما أستراليا، وبالرغم من ضوضاء رئيس الوزراء هوارد التي لا تنتهي بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق وتيمور الشرقية، فإنها لم تنضم إلى الاتفاقية إلا في عام 2002!
4. ولم تفلت هذه اللامبالاة العارضة من انتباه الجميع. فقد علق (وولسي) قائلاً إن بيان دالاس كان يهدف إلى الإشارة إلى أن الاتفاقية غير مرضية للولايات المتحدة لأن (1) نهج المعاهدة غير مناسب لتحقيق الأهداف المتوخاة أو (2) مجال الاتفاقية يقع خارج المصالح الخارجية للولايات المتحدة. 10
نحن نعتقد أن دالاس كان يعبر في الواقع عن الرأي الذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية فيما يتعلق بالسياسة الرسمية الأمريكية في أن أي أداة قانون دولي تكون جيدة طالما تخدم مصالح الولايات المتحدة الخارجية لكنها بمجرد أن يبدو أنها لا تخدم هذه المصالح فإن الولايات المتحدة ليست مهتمة حتى بالحديث عنها. إن الأمثلة على السياسات الرسمية وبيانات السياسيين لدعم هذا كثيرة جداً بحيث لا داعي للاستشهاد بها. إلا أننا نود هنا أن نذكر بما قاله المدعي العام الأمريكي غونزاليس بشأن اتفاقيات جنيف في مذكرته إلى الرئيس في 25 يكانون الثاني/ يناير 2002:
تضيف طبيعة الحرب الجديدة أهمية كبيرة إلى العوامل الأخرى مثل القدرة على الحصول بسرعة على المعلومات من الإرهابيين الأسرى ورعاتهم من أجل تجنب المزيد من الفظائع ضد المدنيين الأمريكيين. إن هذا النموذج الجديد في تقديري يجعل قيود جنيف الصارمة المتقادمة على استجواب سجناء العدو لاغية ويجعل بعض أحكامها غريبة.” 11
كما نعتقد أن دالاس لم يكن يجهل الحقائق المتعلقة بتصديق الدول الشيوعية وأن معلوماته الخاطئة هي جزء من حملة الأكاذيب والتلفيق التي ميزت السياسة الخارجية الأمريكية من حادثة خليج تونكين التي استخدمت كمسوغ لحرب فيتنام إلى ذريعة أسلحة الدمار الشامل لغزو العراق. ويرجع نجاح هذه الخطط السوقية بشكل رئيس إلى الجهل السياسي ولامبالاة الجماهير الساذجة والعديد من السياسيين في الولايات المتحدة.
إن من المهم أن نتذكر أن اتفاقيات جنيف تمت صياغتها بعد الحرب العالمية الثانية من قبل الأوروبيين لحماية حياة شعوبهم في أوقات الحرب وأن سبب وجود هذه الاتفاقيات هو حقيقة أن العسكريين في أوقات الحرب قد يميلون إلى استخدام آلة القتل بكامل طاقتها فكان هناك سبب لوضع بعض القيود على مثل هذا الاحتمال. وحاولت اتفاقيات جنيف القيام بذلك. فإذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أنها غير ذات صلة فإن ارتكاب الجيش الأمريكي لجرائم الحرب والإبادة الجماعية تظل محتملة طالما تعتقد الولايات المتحدة أنها ليست مقيدة في خضم المعركة بتلك القيود القانونية.
وكان هناك أيضاً من رأوا بعض المزايا ولكن رأوا أيضاً أوجه قصور في اعتماد الاتفاقية. وكان من بين هؤلاء اثنان من الجامعيين: الأستاذان لاوترباخت وكونز.
كان البروفيسور جوزيف ل. كونز متشككاً بعض الشيء إلا أنه رأى بعض الميزات الأساس الإيجابية في الاتفاقية. وذكر أن الجرائم المنصوص عليها في المادتين الثانية والثالثة من الاتفاقية هي جرائم بموجب القانون الدولي ولكنها ليست جرائم ضد القانون الدولي. وفي حين أن هذه الجرائم يحددها القانون الدولي فإن الأفراد يخضعون للمسؤولية فقط إذا أو عندما تسن الدول التشريعات المحلية المقابلة. وفي حين أن الاتفاقية في ظل هذه الجوانب قديمة الطراز وتقليدية بالكامل إلا أنه سيكون من الخطأ افتراض أن الاتفاقية لا تحتوي على ابتكارات حقيقية في القانون الدولي. وتتمثل الابتكارات في حقيقة أن الجرائم المشار إليها في المادتين الثانية والثالثة والتي لم تكن حتى ذلك الوقت تهم القانون الدولي إذا ارتكبت من قبل حكومة في أراضيها ضد مواطنيها قد أصبحت موضع اهتمام دولي وبالتالي تم استبعادها من الأمور بشكل أساس ضمن الولاية القضائية الوطنية لأية دولة. 12
وكتب لاوترباخت في تعليقاته على الاتفاقية وفي اتفاق واضح تماماً مع كونز ما يلي:
تلزم الاتفاقية الأطراف بسن وإبقاء التشريعات التي تهدف إلى منع وقمع مثل هذه الأفعال وأي إخفاق في الوفاء بهذا الالتزام يخضع لاختصاص محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة. وفيما يتعلق بالأخيرة فإن نتيجة الحكم المعني هي أن أفعال الإهمال أو الإغفال فيما يتعلق بالإبادة الجماعية لم تعد بشأن أي تفسير للميثاق تعد مسألة تقع حصراً ضمن الولاية القضائية الوطنية للدول المعنية لأن الأطراف تعترف صراحة بحق الأمم المتحدة في التدخل في هذا المجال. ويشكل هذا الجانب من الحالة سمة بارزة في اتفاقية الإبادة الجماعية – وهي سمة ربما تفوق في أهميتها القانونية والأخلاقية الثغرات والمصطنعات والأخطار المحتملة للاتفاقية. 13
والمفارقة هنا هي أنه في حين أن كليهما يقدر حق الأمم المتحدة في التدخل لمنع الإبادة الجماعية إلا أنهما لم يتصورا إمكانية أن ينتهي الأمر بالأمم المتحدة نفسها إلى توفير الظروف التي تؤدي إلى الإبادة الجماعية كما قدمناها في فرض عقوبات شاملة على شعب العراق. نحن مندهشون من الظاهرة المذهلة التي يمكن حتى للكتاب الغربيين المطلعين أن يغيروا أنفسهم في مثل هذه الحالات الذهنية بحيث يفقدون الموضوعية. فعندما كتبت باولا دروموند ورقتها حول اتفاقية الإبادة الجماعية في عام 2008 لم تشر ولو مرة واحدة إلى العراق كمثال محتمل على ارتكاب الإبادة الجماعية خلال الثلاثة عشر عاماً من الحصار التام وسنوات الاحتلال الوحشي منذ عام 2003. ولكن الأسوأ من ذلك فهي قد وقعت عن قصد أو عن غير قصد في فخ الحجة الاستكبارية التي هيمنت على الشؤون العالمية منذ الحرب العالمية الثانية. وذكرت أنه من أجل منع الإبادة الجماعية أو قمعها “هناك أيضاً بعض الاقتراحات في أدبيات القانون الدولي حول التدابير التي يمكن أن تساعد في منع الإبادة الجماعية مثل العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية.” 14 وأهملت ذكر إمكانية أن تؤدي العقوبات الاقتصادية نفسها إلى الإبادة الجماعية. والافتراض هنا هو أنه طالما اتخذ مجلس الأمن الإجراء فإنه يجب أن يكون صحيحاً. ولكن ألم يكن الفاعلون الرئيسون في مجلس الأمن هم الذين ارتكبوا أنفسهم أكبر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في القرن الماضي؟
كان هناك من نفى أية أهمية للاتفاقية. وقد اخترنا رأيين بارزين يمثلان كما هو متوقع أمي الاستعمار: فرنسا وبريطانيا. فقد ووصف مندوب فرنسا لدى الأمم المتحدة ج. ل. بريرلي الاتفاقية بأنها “لا قيمة لها.” 15 وأفادت صحيفة “المستمع” في وقت لاحق بأنه صرح بأن “الخطر الحقيقي هو إذا سمحنا أن يظهر للعالم كما حدث مع هذه الاتفاقية أنه تم إحراز تقدم مهم عندما لم يحدث شيء مهم على الإطلاق … إن الاتفاقية من أعراض النزوع إلى السعي للحصول على نوع من التعويض عن كل ما يثبط عزلة شديدة في النظرة الدولية اليوم عن طريق تبديد الطاقات لتحقيق نتائج تثبت عند الفحص لتحقيق تقدم حقيقي.” 16 وأعلن السير هارلي شوكروس المدعي العام البريطاني أن الجمعية العامة يجب ألا تخدع الناس بالتفكير في أنه قد تم من خلال اعتماد الاتفاقية اتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام؛ إذ أن في الواقع، على حد زعمه، لم يتغير شيء في الوضع الحالي. 17
مشاكل تطبيق الاتفاقية
كانت إحدى المشاكل الرئيسة في الاتفاقية هي مسألة تطبيقها بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية: وهو المبدأ في القانون الدولي العام الذي تدعي الدول بموجبه الولاية القضائية الجنائية على الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم المزعومة خارج حدود دولة المقاضاة بغض النظر عن الجنسية أو دولة الإقامة أو أي علاقة أخرى بالدولة التي تجري فيها الدعوى. وتدعم الدولة مطالبتها على أساس أن الجريمة التي ارتكبت تعد جريمة ضد الجميع يحق لأية دولة أن تعاقب عليها لأن من الخطورة التسامح في التحكيم القضائي. 18 تضمن المشروع الأول للاتفاقية مثل هذا الشرط الذي مكن المحاكم في دولة ما من توجيه الاتهام لمحاكمة شخص من غير مواطنيها ومحاكمته على جريمة ارتكبت خارج إقليمها. لكن ذلك لم يتم تضمينه في الاتفاقية المعتمدة النهائية – على عكس اتفاقيات جنيف. “كانت الولايات المتحدة أول من اعترض وأصرت على أن المقاضاة على الجرائم المرتكبة خارج أراضي الدولة لا يمكن أن تتم إلا بموافقة الدولة التي ارتكبت الجريمة على أراضيها.” 19 كان الاعتراض الرئيس هو أنه بما أن الإبادة الجماعية تنطوي بصفة عامة على مسؤولية الدولة فإن تمكين محكمة في دولة أخرى من قمع إجراءاتها سيؤدي إلى جعل محاكم الدولة الثانية قاضية في دعوى الدولة الأولى وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انتهاك الحقوق السيادية للدولة الأولى.
وقد أُبطل هذا الرأي منذ ذلك الحين عندما أُدرجت جريمة الإبادة الجماعية في النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية. 20 ويمكن القول إن الحجة نفسها التي استخدمتها الولايات المتحدة في عام 1948 لمنع دمج مبدأ الولاية القضائية العالمية في الاتفاقية كانت أحد الأسباب وراء رفض الولايات المتحدة التصديق على النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية. إن هذا التغيير المثير هو أن الولايات المتحدة التي صدقت بالفعل على اتفاقية جنيف لم ترفض ببساطة التصديق على النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية ولكنها سنت قوانين لفرض عقوبات على أية دولة تفعل ذلك. 21 بل وذهبت الولايات المتحدة أبعد من ذلك فقد أجبرت العديد من الدول على عدم التصديق على النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية. وقد أخبرنا مسؤول رفيع المستوى في إحدى دول الخليج أنه على الرغم من قضاء شهور في التنقل لمناقشة الاجتماعات فإنه عندما حان وقت التوقيع أخبرتنا الولايات المتحدة بعدم القيام بذلك، ولم نفعل.
صدقت حتى وقت كتابة هذا الكتاب ثلاث دول عربية فقط على النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية. لكن دولة واحدة وموقفها من المحكمة الجنائية الدولية جدير بالملاحظة هنا: العراق. فبعد غزو العراق واحتلاله هطلت علينا التشريعات الجديدة التي أقرها المحتل الأمريكي والتصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون والعراقيون والمقالات ومقابلات التلفزة وما إلى ذلك بشأن جرائم الحرب البشعة التي ارتكبها صدام حسين وزملاؤه. وقد شهدنا جميعاً المحاكمة الزائفة التي أدانته وأعدمته على هذه الجرائم. وكان يحق لكل شخص عاقل أن يتوقع أن يكون العراق في طليعة المصادقين على قانون المحكمة الجنائية الدولية لأن الجرائم التي يغطيها ذلك القانون هي سبب غزو واحتلال وتغيير النظام كما ادعى الغزاة. إلا أنه ما أن أصدر النظام العميل في بغداد، والذي ربما كان يعتقد أنه مستقل، أمراً في 15 شباط/ فبراير 2005 يعلن فيه نيته المصادقة على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية 22(ICC) وأبلغ المحكمة الجنائية الدولية باستعداده للتوقيع على النظام الأساسي حتى سحب طلبه، وصمت منذ ذلك الحين!
ويرى ليبمان من بين أمور أخرى أن العيب الأساس في الاتفاقية هو حقيقة أنها تعتمد بشكل أساس في ملاحقة المخالفين على أن تقوم بالملاحقة الدول التي ارتكبت أعمال الإبادة الجماعية على أراضيها. لكن هذه الحكومات ذاتها هي التي عادة ما ترعى أو تكون متواطئة في مثل هذه الأعمال وبالتالي فمن غير المرجح أن تلاحق بشدة الطلبات القضائية. وغالباً ما يمتلك مرتكبو الإبادة الجماعية حتى بعد عزلهم من مناصبهم الدعم الكافي لتجنب المقاضاة. 23
إلا أننا نعتقد على عكس ما قرره الفقهاء الغربيون أن القانون الدولي تماماً مثل القانون الوطني يجب أن تكون له ولاية قضائية تلقائية على الجميع بمجرد دخول الاتفاقية أو المعاهدة حيز التنفيذ دون الحاجة إلى مزيد من الإجراءات المحلية من قبل الدولة. وهذا يتطلب تعديل اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 لوضع حد لنظام إضافة التحفظات. ونعتقد أن أي قرار تصدره الجمعية العامة يجب أن يكون ملزماً للدول التي صوتت لصالحه مثل أي اتفاقية ملزمة للموقعين عليها. إلا أن من المثير للقلق أن خالقي الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية قرروا أن مجلس الأمن لا يخضع لأي مراجعة قضائية أو عملية استئناف على الرغم من أن عليه واجبا قضائيا في إصدار أحكام الحياة أو الموت. لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو القرار القائل بأن آراء الفقهاء – الأوروبيين دون شك يجب أن تكون من بين مصادر القانون الدولي في المقام الأول. فلماذا يجب أن يكون رأي فقيه غربي مهما بلغ علمه مصدراً للقانون الدولي ولا تكون كذلك قرارات الجمعية العامة التي تمثل المجتمع الدولي؟ كان من المنطقي لو أن النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية أشار إلى رأي توافقي بين الفقهاء بدلاً من رأي واحد كمصدر ثانوي للقانون الدولي.
ويسرنا أنه على الرغم من العناد الغربي الذي ما يزال يتجلى في رفض الغرب قبول قرار الأمم المتحدة بشأن العدوان لغرض إدراجه في النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية فقد أصبح العالم أخيراً يقبل أن يمكن من حيث المبدأ محاكمة الجرائم أمام محكمة دولية بما في ذلك جريمة العدوان. قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصبح من الممكن توجيه اتهام لأوروبا الغربية أمام مثل هذه المحكمة ولكن الخطوة الأولى قد بدأت.
المواد ذات الصلة من اتفاقية الإبادة الجماعية للعقوبات
تتألف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها والتي اعتمدت في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1948 من ديباجة و19 مادة. وتحدد الديباجة كما هو الحال في المعاهدات الدولية أهدافها وأغراضها. وعلى الرغم من أن الديباجة تشير إلى قرار الجمعية العامة 96 (1) المؤرخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 1946 إلا أن الاتفاقية بصيغتها المعتمدة لا تتضمن جميع محتوياته. والجدير بالذكر أن الاتفاقية لا تتضمن أية إشارة إلى الجماعات السياسية من بين تلك التي يتعين حمايتها وأية إشارة إلى الإبادة الثقافية وكلاهما مدرجتان في القرار أعلاه. وتحدد الديباجة الغرض من الاتفاقية على أنه تحرير البشرية من آفة الإبادة الجماعية البغيضة.
تتكون الاتفاقية من جزأين رئيسين يتناول الأول من المواد من الأولى إلى التاسعة تعريف الإبادة الجماعية ومنعها والمعاقبة عليها بينما يتناول الجزء الثاني الذي يتكون من المواد العاشرة إلى التاسعة عشرة الإجراءات بموجب الاتفاقية. وبما أن هذه ليست دراسة لاتفاقية الإبادة الجماعية بحد ذاتها فإننا لن ننظر في الجزء الثاني ولن نتعامل إلا مع جزء من الجزء الأول.
تنص الديباجة على ما يلي:
حيث إن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها 96 (د – 1) المؤرخ في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1946 قد أعلنت أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي….
تنص المادة 1 على ما يلي:
تصادق الأطراف المتعاقدة على أن الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أيام السلم أم في أثناء الحرب هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها.
إن سبب تعاملنا مع كل من المادة الأولى والديباجة معاً هو أنهما معنيتان بموقف قرارات الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي. وقد قيل إنه ليست هناك حاجة للمادة الأولى التي يبدو أنها تكرر جزءاً من القرار 96 (1) إذا كانت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلزامية للأطراف المتعاقدة. إلا أنه يبدو أن وجهات نظر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والتي دعمها منذ ذلك الحين رأي محكمة العدل الدولية انتصرت في الحجة القائلة بأن قرارات الجمعية العامة لم تكن إلزامية ولكنها مجرد تصريحات إعلانية 24 وأصبحت واحدة من أعظم نواحي الشذوذ فيما يسمى “القانون الدولي“. إن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تمثل دول العالم بعد أن وافقت على تفويض جزء من سلطتها لمجلس الأمن فقدت سلطتها في إلغاء قرارات هذا الأخيرة. وهذا يتعارض مع طبيعة الأشياء حين لا تعود للمنظمة التي تفوض سلطتها لقسم فرعي سلطة على هذا القسم الفرعي أو حكمه. ولكن بما أن الميثاق صامت عن صحة قرارات الجمعية العامة ولأن القوى الأوروبية التي ربحت الحرب أرادت أن تظل مسيطرة فقد أصبح هذا الحكم الغريب الذي أصدرته محكمة العدل الدولية جزءاً من القانون الدولي على ما يبدو.
ويبدو أن مثل هذا الاعتقاد كان يحكم صياغة الاتفاقية وبالتالي الحاجة إلى تأكيد المادة الأولى على أن الإبادة الجماعية جريمة بموجب القانون الدولي كما يوضح سبب حذف بعض الجماعات مثل “المجموعات السياسية” في المادة الثانية.
ولعل أهم جزء من المادة الأولى هو تأكيدها على أن الإبادة الجماعية هي جريمة سواء ارتكبت في وقت السلم أم في الحرب وميزتها بهذا عن “جرائم الحرب” التي يقصد تطبيقها في وقت الحرب فقط. ونحن نعتقد أنها أدخلت عنصراً جديداً في القانون الدولي يجعل من إسقاط القنبلة النووية على هيروشيما أثناء الحرب وقتل جزء من الأمة اليابانية وفرض عقوبات شاملة على العراق وإن لم يكن ذلك بالضبط في وقت السلم تندرج تحت أعمال الإبادة الجماعية.
تنص المادة الثانية على ما يلي:
في هذه الاتفاقية تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية المرتكبة عن قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه:
(أ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء من الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
(د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
وعلى الرغم من أنه يشار إليها عادة بالفقرة التي تحدد الإبادة الجماعية إلا أنها في الواقع لا تفعل ذلك. فقد اقترح الفرنسيون تعريفاً للاتفاقية لم يتم إدراجه ووضح روبنسون هذا الاعتقاد الخاطئ بقوله: “تعرف الاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها التدمير المتعمد لأي مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كما أنها تستند إلى اعتقاد خاطئ بالمادة الثانية: لا حاجة للتدمير الفعلي بل أن النية كافية.” وأكد روبنسون أن الاتفاقية لا تتضمن تعريفاً للإبادة الجماعية بل تعداد أعمال تعد إبادة جماعية لأغراض الاتفاقية. 25
كان اختيار هذه القائمة الشاملة للعنصر المادي (عمل الإدانة) للجريمة بدلاً من استخدام مثال، وفقاً لدروموند، بسبب “إصرار من الولايات المتحدة لأن التعريف الدقيق والمحدود لهذه الجريمة كان سيعني أن التصرفات التي لم تتناولها المادة المذكورة أعلاه لن تعد [كذا] إبادة جماعية وبالتالي لن يقلل هذا من هامش الولايات المتحدة للمناورة في الإجراءات التي تهدف إلى تعظيم قوتها النسبية نتيجة لذلك وتحقيق الهيمنة.” 26
إن من المهم للغاية تسليط الضوء على ما نعتقد أنه عنصر مهم في المادة الثانية. فمن الطبيعي للناس العاديين عند سماع مصطلح “الإبادة الجماعية” أن يفكروا في الجريمة البشعة المتمثلة في قتل الناس بشكل جماعي. إلا أن الفقرات (ب–هـ) من المادة الثانية تضيف إلى جرائم القتل الفعلية تلك الجرائم التي تتراوح بين التسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير الى النقل القسري للأطفال. ونحن ننوي أن نبين أن الأعمال الواردة في الفقرات (أ– د) على الأقل قد ارتكبت في العراق من خلال العقوبات.
وللحديث صلة….
1 Drumond, Paula, ‘Genocide Convention Analysis and the Dialogue Between IR and International Law’, 49th International Association Annual Convention, March 2008.
2 Lippman, Matthew, ‘A Road Map to the 1948 Convention on the Prevention and Punishment of the Crime Genocide’, Journal of Genocide Research, vol. 4, n. 2, 2002, p.179.
3 Drumond, Paula, op cit.
4 Robinson, N., The Genocide Convention, A Commentary, Institute of Jewish Affairs, World Jewish Congress, New York, 1960, p. 17
5 Statement after the adoption of the Convention by the General Assembly of the UN. For the full text see ST/DPI/SER. A/68 and the United Nations Bulletin, December 15, 1948.
6 Mistral Gabriela, an Appeal to World Conscience, the Genocide Convention, UN Review, June, 1956.
7 Perlman, Philip, B., ‘The Genocide Convention’, Nebraska Law review, Vol. XXX, No. 1, pp. 1-10, Nov. 1950.
8 Cited in Woolsey, L. H., The New Policy Regarding US Treaties, 47 AJIL, 449.
9 Genocide Convention Implementation Act of 1987 – Ronald Reagan address
– transcript<http://findarticles.com/p/articles/mi_m1079/is_n2142_v89/ ai_7018358/?tag=content;col1>
10 Woolsey, op cit.
11 Memo from White House Counsel Alberto Gonzales to Pres. George W. Bush
<http://news.findlaw.com/usatoday/docs/torture/gnzls12502mem2gwb.html>
12 Robinson, N., op cit, p. 50.
13 المصدر نفسه، ص 49
14 Drumond op. cit
15 Robinson, N., op cit. p. 46.
16 The Genocide Convention’, The Listener, London. 10 March 1949.
17 Robinson, N., op cit, p. 46
18 See <http://en.wikipedia.org/wiki/Universal_jurisdiction>
19 Schabas, William, ‘United States Hostility to the International Criminal Court: It’s all about the Security Council’, European Journal of International Law, vol. 15, n. 4, September 2004, p. 706.
20 Articles 5 and 6 of the Rome statute of the international criminal court.
21 Al-Ani, Abdul-Haq, The Trial of Saddam Hussein, Atlanta, Clarity Press, 2008, p. 99-100
22 Iraqi Council of Ministers Order No. 20 of 2005 <http://www.kululiraq.com/ modules.php?name=News&file=article&sid=7222 (in Arabic)
23 Lippman, Matthew, op cit., p. 190
24 Judgment of the ICJ in the case of Corfu.., Preliminary Objections… Robinson, p. 56.
25 Robinson, op cit. p. 58
26 Drumond, op cit. p.2