صفحات من ترجمة كتاب “الإبادة في حصار العراق” – 21
تأليف: د. عبد الحق العاني و د. طارق العاني
ترجمة: د. طارق العاني
================================================
الحق في الحياة
تعطي المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن الحق في الحياة، وهي تكرار للمبدأ الوارد في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مبدأً أساساً للغاية ينص على ما يلي:
1. الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً.
3- حين يكون الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، يكون من المفهوم بداهة أنه ليس في هذه المادة أي نص يجيز لأية دولة طرف في هذا العهد أن تعفي نفسها بأي شكل من أي التزام يكوم مترتباً عليها بمقتضى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
إلا أن العقوبات أسفرت عن إنكار الحق في الحياة من خلال حرمان الناس من فرصة العمل من خلال تخفيض الإيرادات المتاحة للحكومة والتي كانت رب العمل الرئيس وبالتالي حرمان الأسر من الدخل اللازم للحفاظ على الحياة وكانت عاملاً فعالاً في وفيات المجاعة التي استشهدنا به في وقت سابق.
وعلى الرغم من أننا عالجنا الإبادة الجماعية بشكل منفصل في هذا الكتاب (انظر الفصل 7) فإننا يجب أن نشير إلى أن المادة 6 أعلاه أرست القاعدة القطعية لمنع الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي. وينكر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بوضوح حق أي طرف في عدم التقيد بالتزامه بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. ويترتب على ذلك بمجرد إثبات أن العقوبات تسبب الإبادة الجماعية أن جريمة الإبادة الجماعية سترتكب كلما طبقت بصرف النظر عن أي حجة مستخدمة مثل شرعية إجراءات مجلس الأمن.
حظر التعذيب
تكرر المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التأكيد على المبدأ المنصوص عليه في المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتنص على ما يلي:
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المحطة من الكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.
إلا أن العقوبات التي فرضت على العراق كانت بحكم تعريفها ومن خلال النية عقوبة قاسية على مجموع السكان المدنيين. وتعرض الشعب العراقي لمعاملة لا إنسانية ومهينة حيث أجبرت الناس على التسول من أجل بقائها وعانت من سوء التغذية عندما كان لديها الثروة لتعيش حياة كريمة.
الحق في العمل
تنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تكرر المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:
1. تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق.
لكن منع الحكومة كصاحب العمل الرئيس من الوصول إلى الموارد اللازمة (والمتوفرة) لتكون قادرة على توظيف خريجين جدد على مدى عقد من الزمن أدى إلى أكبر مجتمع من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل في الشرق الأوسط على الرغم من كون العراق دولة غنية بطبيعتها. وقد أجبر حرمان القطاع الخاص من الوصول إلى المواد الخام وفرصة الاستيراد والتصدير على إغلاق الصناعة وتسريح آلاف العمال.
حرية السفر
تنص المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أعيد تأكيدها لاحقاً بموجب المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يلي:
لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
لكن شعب العراق حرم لمدة ثلاثة عشر عاماً بالقوة من الحق في مغادرة العراق عندما تم حظر الحركة الجوية داخل وخارج العراق بسبب العقوبات ومناطق حظر الطيران غير القانونية. كانت الرحلة الشاقة التي تستغرق 15 ساعة أو نحو ذلك عن طريق البر إلى عمان مستحيلة للمرضى الذين كانوا في أمس الحاجة إلى السفر. ومات آلاف العراقيين لأنهم لم يتمكنوا من السفر خارج العراق لتلقي العلاج الطبي في حين انهارت الرعاية الطبية في العراق والتي كانت من الأفضل في الشرق الأوسط.
الحق في الأسرة والعيش الكريم
وتنص المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تكرر المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:
تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص:
عيشا كريما لهم ولأسرهم طبقا لأحكام هذا العهد،
وتنص المادة 11 على ما يلي:
1. تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق، معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على حرية الاختيار.
2. واعترافا بما لكل إنسان من حق أساس في التحرر من الجوع، تقوم الدول الأطراف في هذا العهد، بمجهود فردي وعن طريق التعاون الدولي، باتخاذ التدابير اللازمة والمشتملة على برامج محددة ملموسة.
ومن الواضح أنه حين حرم العراقيون من الحق في العمل وكسب رزقهم، لم يتم ضمان أي من الحقوق المذكورة أعلاه.
الحق في الملكية
تنص المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:
لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
إلا أنه تم تجميد كل حساب مصرفي في أي مكان خارج العراق يمتلكه أي جهاز حكومي عراقي أو شركة عراقية أو عراقي مقيم في العراق لمدة اثنتي عشرة سنة وحرم الناس العاديون من هذا بشكل تعسفي من ممتلكاتهم وحق التمتع بها وتعرض أولئك الذين فقدوا وسائل دخلهم للأذى من خلال منع وصولهم إلى مدخراتهم الخاصة.
الحق في التعليم
تنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:
لكل شخص حق في التعليم. ويجب أن يوفر التعليم مجانا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليم الابتدائي إلزاميا.
وقد حرم العراق الذي كانت قد كافأته اليونسكو على إنجازه في محو الأمية من الحق الأساس في تعليم شعبه وتركه ينزلق إلى قاع دول العالم في مجال التعليم. ولعل أحد الأمثلة على ما تعنيه العقوبات على أطفال العراق هو أن لجنة العقوبات قد رفضت استيراد أقلام الرصاص على أساس أن الغرافيت في الأقلام يخدم غرضاً مزدوجاً حيث يمكن استخدامه في المفاعل النووي! 1
الحق في تقرير المصير
تنص المادة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المشتركة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن حق تقرير المصير على ما يلي:
لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
ونحن نسلم بأن العقوبات الكلية تنتهك المبدأ المذكور أعلاه حيث لا يستطيع الأشخاص الذين يخضعون لها متابعة تنميتهم بحرية أو التصرف بثرواتهم الطبيعية. والواقع أن العراق بموجب العقوبات لم يحرم من هذا الحق فقط بل لم يمكنه حتى استيراد الغذاء دون أن تسمح له لجنة العقوبات بذلك.
حقوق الطفل
تمثل اتفاقية حقوق الطفل التزاماً كبيراً من دول العالم بتقديم رعاية خاصة للطفل بعد تطوير مبادئ قانون حقوق الإنسان منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتؤكد ديباجته على مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلانات اللاحقة بشأن حقوق الإنسان بما في ذلك على وجه التحديد إعلان حقوق الطفل لعام 1924 وإعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الأمم المتحدة في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1959. وعلى الرغم من أن معظم الأحكام من الاتفاقية موجودة في العهود والإعلانات الأخرى إلا أن الحاجة إلى اتفاقية منفصلة للطفل منصوص عليها في الديباجة:
وإذ تضع في اعتبارها، وذلك كما جاء في إعلان حقوق الطفل، “أن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها“2
وقد صدقت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الاتفاقية باستثناء الولايات المتحدة والصومال. ولعله من المهين للذكاء والكرامة الإنسانية أن يستطيع أي رئيس أمريكي أو عضو في الكونغرس أو سياسي أن يقف ليلقي محاضرات على بقية العالم بشأن حقوق الإنسان عندما لا تستطيع الولايات المتحدة أن تجعل الكونجرس يصدق على الالتزام القانوني الأكثر وضوحاً والأساس لحماية أطفال العالم! ويتخذ الأمر معنى واحداً فقط حين نرى الولايات المتحدة تقف مع دولة الصومال الفاشلة على هذه المنصة. وقد فشلت الولايات المتحدة في التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مرة أخرى جنباً إلى جنب مع الصومال.
تتطلب المادة 4 تعاوناً دولياً لتنفيذ الحقوق المعترف بها في اتفاقية حقوق الطفل والتي تنص على ما يلي:
تتخذ الدول الأطراف كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية. وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتخذ الدول الأطراف هذه التدابير إلى أقصى حدود مواردها المتاحة، وحيثما يلزم، في إطار التعاون الدولي.
ومع ذلك فإن العقوبات الكاملة على العراق لم تفرض حصاراً على هذا التعاون فحسب بل جعلت من غير القانوني لأي دولة طرف أن تتعاون مع حكومة العراق لتنفيذ الحقوق التي تضمنها الاتفاقية. وكانت قرارات مجلس الأمن بشأن العقوبات الكاملة خرقاً واضحاً لهذا المبدأ.
تنص المادة 19 فيما يتعلق باتخاذ تدابير لحماية الأطفال على ما يلي:
1. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته.
ومع ذلك فقد منعت العقوبات الكلية حكومة العراق من أداء واجبها بموجب الاتفاقية. إذا كان هناك من استنتاج فإن فرض العقوبات على أطفال العراق كان بمثابة عنف جسدي وعقلي وإهمال وسوء معاملة.
ليست المواد 24 و27 و28 و31 سوى أمثلة قليلة على الأحكام التي كانت الدول الأطراف ملزمة بموجب الاتفاقية بتأمينها للطفل.
أما فيما يتعلق بتأمين الرعاية الصحية فقد نصت المادة 24 على ما يلي:
1. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي. وتبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لتضمن ألا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه.
2. تتابع الدول الأطراف تطبيق هذا الحق كاملا وتتخذ، بوجه خاص، التدابير المناسبة من أجل:
(أ) خفض وفيات الرضع والأطفال،
(ب) كفالة توفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال مع التشديد على تطوير الرعاية الصحية الأولية،
(ج) مكافحة الأمراض وسوء التغذية حتى في إطار الرعاية الصحية الأولية، عن طريق أمور منها تطبيق التكنولوجيا المتاحة بسهولة وعن طريق توفير الأغذية الكافية ومياه الشرب النقية، آخذة في اعتبارها أخطار تلوث البيئة ومخاطره،
(د) كفالة الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولاة وبعدها،
(ه) كفالة تزويد جميع قطاعات المجتمع، ولا سيما الوالدين والطفل، بالمعلومات الأساس المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته، ومزايا الرضاعة الطبيعية، ومبادئ حفظ الصحة والتصحيح البيئي، والوقاية من الحوادث، وحصول هذه القطاعات على تعليم في هذه المجالات ومساعدتها في الاستفادة من هذه المعلومات،
(و) تطوير الرعاية الصحية الوقائية والإرشاد المقدم للوالدين، والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة.
3. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال.
4. تتعهد الدول الأطراف بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي من أجل التوصل بشكل تدريجي إلى الإعمال الكامل للحق المعترف به في هذه المادة. وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية في هذا الصدد.
كانت العقوبات الشاملة على العراق والتي حدت من استيراد الأدوية؛ ومنعت استيراد حتى أجهزة الأشعة السينية إلى البلد؛ ورفضت استيراد جميع قطع غيار المعدات الطبية؛ ومنعت استيراد مواد التخدير اللازمة للعمليات؛ وحجبت حتى قدرة طبيب الأطفال العراقي على الوصول إلى المجلات الطبية انتهاكا كاملا للالتزام بموجب المادة 24.
تنص المادة 27 على ما يلي:
1. تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي.
لكن الأطراف التي فرضت عقوبات شاملة على العراق حرمت أطفال العراق من الحق في مستوى معيشي لائق من خلال حرمان والديهم من فرصة العمل.
أما بشأن حق الطفل في التعليم فقد نصت المادة 28 على ما يلي:
1. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التعليم
لكن أطفال العراق حرموا من هذا الحق من خلال العقوبات التي منعتهم من امتلاك المدارس والسبورات والكتب والأوراق وحتى أقلام الرصاص.
تنص المادة 31 على ما يلي:
1. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون.
لا يحتاج الأمر سوى القليل من الخيال ليخلص إلى أنه عندما حرم الأطفال من الورق والأقلام لم يعرف هؤلاء الأطفال التعساء في العراق منذ أكثر من عقد ما هي الألعاب هذا الى جانب انعدام وجود معدات ترفيهية في أي مكان بالقرب منهم.
وإلى جانب جميع الأحكام المذكورة أعلاه المطلوبة لضمان الحقوق الأساس للأطفال تنص المادة 38 على مبدأ آخر مشترك للبالغين لحماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة ينص على ما يلي:
1 – تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في النزاعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد.
4 – تتخذ الدول الأطراف، وفقا لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.
يتضح من المواد المذكورة أعلاه أنه لا يطلب من الدول فقط الالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي كما تم تطويرها بموجب القانون العام ولوائح لاهاي واتفاقيات جنيف وملحقاتها الإضافية ولكنها تلزم الدول باتخاذ جميع التدابير المجدية لضمان حماية ورعاية الأطفال. ونحن نؤمن بأن الدول التي فرضت عقوبات على العراق قد جعلت من المستحيل ضمان حماية ورعاية الأطفال العراقيين بل إن الواقع يثبت أن العقوبات تم وضعها وتنفيذها بهدف إلحاق أكبر قدر من الضرر بأطفال العراق. فتعليق وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت سيئ السمعة بأن وفاة نصف مليون طفل عراقي أمر “يستحق العناء“ يظهر هذا بالتحديد.3 إن تعليق أولبرايت يجب ألا يؤخذ باستخفاف لأنها تمثل السياسة الرسمية الأمريكية. إن التأكيد على أن قتل الأطفال في العراق “يستحق العناء” يلبي شرطي النية كما هو محدد في قانون المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة لجميع الجرائم الدولية. فقد أكد أولاً أن الولايات المتحدة متورطة في فرض عقوبات شاملة على العراق. وقد قصدت الولايات المتحدة ثانياً إما التسبب في عواقب فرض عقوبات شاملة أو أنها كانت تدرك أن هذا سيحدث في سياق الأحداث العادية.
يبدو من المعقول الاستنتاج بأن العديد من حقوق السكان المدنيين في العراق كما أيدها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات اللاحقة قد انتهكت من قبل الدول الأعضاء التي وقعت على الإعلان وألزمت نفسها به. ونحن نؤمن بأن الشعب العراقي له الحق في أي وقت في المستقبل في السعي للحصول على تعويض من كل دولة عضو صوتت لفرض عقوبات على العراق واستمرارها على أساس أنهم انتهكوا التزاماتهم بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. هذا بالإضافة إلى التعويضات التي قد تكون مطلوبة بشكل شرعي رداً على جريمة الإبادة الجماعية والتي لا تخضع للتقادم والتي قد تفرض عقوبات ضد الأفراد وفقاً لمبادئ نورمبرغ التي سنتناولها لاحقاً.
نعتقد أننا أظهرنا في هذا الفصل أن العقوبات الكلية المفروضة على العراق بين عامي 1990 و2003 قد انتهكت العديد من مبادئ القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
نحن لا ننظر إلى الأمر على أنه تحديد التدابير الواجب اتخاذها عند فرض العقوبات بل يجب ألا تفرض العقوبات على “السكان المستهدفين” مطلقاً ولا يجوز قبولها على أساس أنها كانت “خاضعة للدراسة التمهيدية للتقويم“.4 وإذا أدت العقوبات في جملة أمور إلى الوفاة وخاصة الوفيات بأعداد كبيرة فيجب عدها على نحو فعال جديرة بنفس الدرجة من الخزي مثل أعمال العنف. نحن نعتقد أن استهداف المدنيين بأي عنف هو خرق للقانون الدولي وإذا لم يتم دعم هذه الفرضية فستكون إصابة المدنيين مقبولة وستصبح المشكلة الوحيدة هي أين يقف الخط. وهذا غير مقبول إذا سعينا للعيش في عالم متحضر.
1 See: Khadduri, Imad, ‘The fig leaf of moral impotence’, March 10, 2003 <http:// www.iraqsnuclearmirage.com/YellowTimes/The_Fig_Feaf_of_Moral_Impo- tence.htm>
2 https://www.ohchr.org/AR/ProfessionalInterest/Pages/CRC.aspx
3 Albright was asked by Lesley Stahl on CBS’s 60 Minutes on May 12th 1996: “We have heard that half a million children have died [as a result of sanctions]. I mean, that’s more children than died in Hiroshima. And, you know, is the price worth it?” Albright replied: “I think this is a very hard choice, but the price—we think the price is worth it.” <http://www.youtube.com/watch?v=FbIX1CP9qr4>
4 Paul, J. A., ‘Sixteen Policy Recommendations on Sanctions’, Global Policy Forum, March 1998, www.globalpolicy.org/security/sanction/jpreccs.htm>