صفحات من ترجمة كتاب “الإبادة في حصار العراق” – 17 

صفحات من ترجمة كتاب “الإبادة في حصار العراق” – 17

تأليف: د. عبد الحق العاني و د. طارق العاني

ترجمة: د. طارق العاني

================================================

 

بعد هجوم 1991: تقويم الضرر

 

قبل تقويم الضرر الناجم عن العقوبات قد يكون من المفيد إعطاء قائمة ملخصة بحجم الضرر الذي لحق بالعراق (انظر الجدول 5.1)

 

أوفد الأمين العام للأمم المتحدة في آذار/ مارس 1991 وبعد توقف الأنشطة العسكرية بعثة “لتقويم الاحتياجات الإنسانية الناشئة في العراق والكويت في بيئة ما بعد الأزمة مباشرة”. وقاد البعثة وكيل الأمين العام مارتي أهتيساري وضمت ممثلين عن وكالات وبرامج الأمم المتحدة. وقدمت البعثة تقريرها الذي أصبح يعرف باسم “تقرير أهتيساري” في 20 آذار/ مارس 1991 وتم توزيعه على أعضاء مجلس الأمن. كانت تلك أول زيارة تقوم بها إلى العراق كي ترى وتقوم حجم الدمار والكارثة التي لحقت بالعراق.

 

الجدول: 5.1

المنشآت والمرافق التي تضررت خلال الغارات على العراق عام 1991

القاطع

عدد الأهداف

التعليم العالي (الجامعات والمختبرات ومهاجع الطلاب)

39

المؤسسات القضائية والقانونية

76

الرعاية الاجتماعية (دور الأيتام ودور رعاية المسنين والمؤسسات الإصلاحية)

44

مكاتب التجنيد والمستشفيات العسكرية

76

الخدمات المالية والمصرفية

272

مكاتب الاتحادات والحزب

117

المؤسسات البلدية

23

منشآت الصناعة العسكرية

32

النفط (آبار النفط ومصافي التكرير ومحطات الضخ والاستخراج)

145

مراكز مجلس التخطيط

19

التعليم (المدارس والخدمات المدرسية)

3968

الصحة (المستشفيات والمخازن والعيادات الشعبية

421

النقل والاتصالات (محطات الإرسال والبدالات والطرق والطيران والسكك الحديدية)

475

الإسكان والبناء (المباني والجسور والمجمعات السكنية)

260

التجارة (الصوامع والأسواق المركزية ومراكز التوزيع)

251

الأماكن الدينية (المساجد والكنائس)

159

الصناعة والتعدين (المصانع والمناجم والمخازن)

122

الزراعة والإرواء (السدود ومحطات الضخ والخدمات الزراعية)

205

الثقافة والمعلومات (محطات التلفزة ومحطات الإذاعة والمتاحف والآثار)

90

الخدمات العامة (محطات الصرف الصحي والبلديات ومكاتب التسجيل والملاجئ)

833

 

 

فيما يلي بعض مقتطفات التقرير باتباع الترقيم الأصلي:

 

8. … لقد جلب الصراع الذي حدث مؤخراً نتائج تشبه أحداث يوم القيامة على الهياكل الأساس الاقتصادية لما كان حتى شهر كانون الثاني / يناير 1991 مجتمعاً حضرياً يعتمد على الآلات إلى حد بعيد. أما الآن فإن معظم الوسائل الداعمة للحياة الحديثة قد دمرت أو أصبحت هزيلة. لقد أعيد العراق إلى عصر ما قبل الثورة الصناعية وسيظل كذلك فترة من الزمن لكن مع كل أوجه العجز التي يتسم بها الاعتماد على الاستخدام الكثيف للطاقة والتكنولوجيا في عصر ما بعد الثورة الصناعية.

 

9.… إن كل ما كان موجوداً في الماضي من مصادر الوقود والطاقة (باستثناء عدد محدود من المولدات المتنقلة) ووسائل الاتصال الحديثة قد أصبح الآن منعدماً أساساً.

 

11 لقد أثرت العقوبات بالفعل على قدرة البلد على إطعام شعبه.

 

12 إن توزيع الحليب المجفف على سبيل المثال محجوز الآن حصرياً للأطفال المرضى بوصفة طبية.

 

13. تم تدمير المختبر الوحيد الذي ينتج اللقاحات البيطرية أثناء النزاع كما تفحصته البعثة.

 

18- ينبغي إزالة العقوبات المتعلقة بالإمدادات الغذائية على الفور وكذلك تلك المتعلقة باستيراد المعدات والإمدادات الزراعية 29 … لقد تم تدمير أو إتلاف ما يقرب من 9000 منزل دون إصلاح خلال الأعمال العدائية 2500 منها في بغداد و1900 في البصرة. وقد أدى ذلك إلى خلق عدد كلي جديد محتمل للمشردين يبلغ 72 ألف شخص.

 

وذكر صدر الدين آغا خان الذي قاد بعثة الأمم المتحدة الثانية إلى العراق في 29 حزيران/ يونيو – 13 تموز/ يوليو 1991 في ملخص النتائج الرئيسة لتقريره المكون من 59 صفحة والذي قدم إلى الأمين العام ما يلي:

 

16. … أدى الدمار الذي أصاب محطات معالجة المياه وعدم القدرة على الحصول على قطع الغيار اللازمة إلى قطع 2.5 مليون عراقي عن النظام الحكومي الذي اعتمدوا عليه قبل الحرب.

 

17.… تأثرت المستشفيات ومراكز الصحة العامة تأثراً شديداً بنقص الكهرباء والمياه والأدوية والمعدات الطبية والجراحية ومعدات طب الأسنان ومعدات المختبرات وتقلصت أساطيل المركبات التي عززت ذات مرة فعالية الخدمات الصحية إلى وحدات قليلة.

 

18 … تدهور وضع الإمدادات الغذائية بسرعة في جميع أنحاء البلد تقريباً وتظهر الأسعار تضخماً بمستويات هائلة.

 

20. انخفضت قدرة العراق على توليد الطاقة إلى مستوى ضئيل.

 

21. … تضرر ما لا يقل عن 400 ألف خط من خطوط الهاتف (الثابت) الأصلية والبالغ عددها 900 ألف خط بشكل لا يمكن إصلاحه بينما تضررت خطوط إضافية بشكل جزئي. كما تضررت وصلات الميكروويف الرئيسة التي تربط معظم المدن.

 

ويعرض التقرير تفاصيل نتائجه وتوصياته لكل قطاع وينتهي بملاحظات ختامية تبدأ بما يلي:

130. لم يكن ممكناً لأي منا في فريق البعثة التغاضي عن مفارقة صارخة: ففي الوقت الذي يعاني فيه المجتمع الدولي من كوارث ذات أبعاد مروعة في جميع أنحاء العالم نواصل مناشدة نفس الجهات المانحة لتمويل برامج الطوارئ في العراق الذي لا يمكن للبلد أن يتحمل تكاليفه بنفسه. وبوجود احتياطيات نفطية كبيرة في الأرض يجب ألا يضطر العراق إلى التنافس على أموال المساعدة الشحيحة مع القرن الأفريقي الذي دمرته المجاعة أو مع بنجلادش التي ضربها الإعصار.

 

قدرت اليونيسف في كانون الأول/ ديسمبر 1991 أن 87 ألف طفل لوحدهم سيموتون بحلول الذكرى السنوية للحرب.

 

المرحلة الثانية: عقوبات جديدة وذرائع جديدة

اعتمد مجلس الأمن في 2 آذار/ مارس 1991 وعقب وقف إطلاق النار القرار 686 الذي كان يهدف إلى إنهاء الأعمال العدائية مع استمرار العقوبات وفرض في الوقت نفسه عدة التزامات كان على العراق الوفاء بها على الفور. وافق العراق في 3 آذار/ مارس في محاولة لحرمان الولايات المتحدة وحلفائها من أي عذر لإلحاق المزيد من الأذى بالسكان العراقيين على الامتثال للالتزامات المنصوص عليها في القرار والتي تضمنت: إلغاء ضم الكويت وقبول المسؤولية عن الخسائر والإصابات والأضرار الناجمة عن غزو واحتلال الكويت والإفراج عن جميع المعتقلين وأسرى الحرب وإعادة رفات المتوفين وإعادة الممتلكات الكويتية ووضع حد لجميع الأعمال العدائية والاستفزازية والمساعدة في تحديد مواقع الألغام والأسلحة الكيميائية والبيولوجية في الكويت وأجزاء من العراق التي يحتلها التحالف. كما أعرب العراق عن أمله في أن يضمن مجلس الأمن الانسحاب الفوري لجميع قوات التحالف من الأراضي العراقية وإنهاء الحصار بالكامل.

 

تبنى مجلس الأمن في 3 نيسان/ أبريل 1991 القرار 687 الذي أصبح يعرف باسم “أم القرارات” لكونه يعد الأكثر تعقيداً من بين جميع القرارات الصادرة ضد العراق ومهد الطريق لاستمرار العقوبات إلى أجل غير مسمى كما كانت النية الأصلية.

 

تم تقسيم القرار 687 إلى تسعة أجزاء تتناول قضايا مثل:

1. احترام وضمان حرمة الحدود الدولية وتحديد عائدية الجزر.

 

2 – نشر وحدة مراقبة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة المنطقة المجردة من السلاح بعمق 15 كيلومتراً على طول الحدود لتهيئة الظروف لمغادرة قوات التحالف العراق.

 

3 – الإزالة الدائمة لأسلحة الدمار الشامل العراقية وصواريخها العابرة (الباليستية) التي يزيد مداها عن 150 كيلومتراً وقدرتها على الأسلحة النووية.

 

4 – إعادة جميع الممتلكات الكويتية التي استولى عليها العراق.

 

5- تحديد مسؤولية العراق عن الخسائر والأضرار والإصابات وإنشاء صندوق تعويضات الأمم المتحدة ولجنة تعويضات الأمم المتحدة لتوفير إجراءات تسوية لتعويض أصحاب المطالبات ويمول هذا الصندوق بجزء من قيمة صادرات النفط والمنتجات النفطية من العراق بحيث لا تتجاوز الرقم الذي يقترحه الأمين العام على المجلس.

 

6 – رفع الحظر المفروض على استيراد المواد الغذائية والسماح بموافقة لجنة العقوبات بالاستيرادات المحدودة للعراق من المواد والإمدادات اللازمة للاحتياجات المدنية الأساس على النحو الذي أوصت به بعثة الأمين العام لتقصي الحقائق والتي أقرتها بالفعل لجنة العقوبات.

 

ثم خلص القرار إلى أنه بعد قبول العراق لهذه الأحكام سيكون وقف إطلاق النار الرسمي نافذاً.

 

كان الحظر على الواردات إلى العراق الذي تم فرضه بموجب القرار 661 بخلاف الإعفاء من المواد الغذائية والاستثناءات التي ستوافق عليها لجنة العقوبات للإمدادات والمواد الأساسية للاحتياجات المدنية سيظل ساري المفعول وبتأثير كامل. كما ظل الحظر المفروض على الصادرات من العراق بموجب ذلك القرار ساري المفعول والتأثير الكامل ريثما يتم إنشاء برنامج لتصدير النفط مع استثناءات مؤقتة توافق عليها لجنة العقوبات عند الاقتضاء لتمكين العراق من دفع ثمن الواردات الأساس لاحتياجاته المدنية.

 

وعلى الرغم من أن القرار نص على أن العقوبات يمكن رفعها أو “تخفيضها” بناء على توصية مجلس الأمن “في ضوء سياسات وممارسات” العراق إلا أنه سرعان ما أصبح واضحاً أن ا

لولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستبقيان على العقوبات باستخدام حقهم في النقض والقوة العسكرية الساحقة.

 

 

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image