قل ولا تقل / الحلقة التسعون
إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (مصطفى جواد)
فإن من أحب الله أحب رسوله، ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب اللغة العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب. ومن أحب العربية عني بها وثابر عليها وصرف همته اليها. (الثعالبي)
قل: البطاقة الحيوية
ولا تقل: البطاقة البيومترية
شاع في الإستعمال مؤخراً “البطاقة البيومترية” حيث يناقش اللبنانيون هذه الأيام مَنْ من السياسيين سينتفع بانتجاها للنظام السياسي الفاسد، وكأنها ستصلح ما أفسده الدهر. ودخول هذه العبارة للغة العربية شأنه شأن الغريب الذي نقل بنصه خلال العقود الماضية كلما احتاجت العربية للتعبير عن حاجة أو استعمال جديد ذلك لأن القائمين على شؤون الأمة أميون!
فليس عسيراً أن يدرك المرء ان الحاجة لإستعمال جديد يمكن أن تسد باستعمال أي كلمة أو عبارة عربية ما دام المواطن العربي سوف يتقبلها كلمة جديدة وينشأ على استعمالها. لكن حتى هذه الحقيقة البسيطة صعبت على الأميين!
فمن أين جاءت هذه الكلمة وما يمكن أن يعبر عنها في العربية.
إن الكلمة (biometric) مكونة من كلمتين هما (bio) وهي كلمة يونانية تعني “الحياة” وكلمة (metric) وهي كذلك يونانية الأصل تعني ما له علاقة بالقياس.
ولا بد من التوقف قليلا هنا للنظر في العلاقة بين العربية واليونانية والتي تظهر من حين لآخر مما يوحي بامكانية وجود علاقة أعمق بين اللغتين بسبب الترابط التأريخي والجغرافي بين الفكر اليوناني ونشأته وبين الهلال الخصيب الذي شكل مهداً للحضارة الجديدة في الفكر المدون.