إن مشكلة العراق هي في الدستور وليس في الإستفتاء!
لم أكتبْ مقالاً عن الوضعِ السياسيِّ في العراقِ لأشهرٍ، ذلك لأني لا أعتقدُ بوجودِ أيّةِ جَدوى من ذلك، فالعراقُ لا مستقبلَ لَهُ في المَدى القريبِ أو حتى المتوسطْ، ما لم تقمْ حربٌ واسعةٌ في المِنطقةِ قدْ تُغيرُ من ذلك. وسببُ هذا الاستنتاجِ القاسي، والذي لا أقولهُ تشفياً، هو ليس لأنَّ العراقَ قد غُزيَ فحسبُ، مما يقتضي أن يحتاجَ لفترةٍ حتى يتعافى من الغزوِ، كما حَدثَ في غزوِ ألمانيا واليابان بعد الحربِ العالميةِ الثانيةِ مثلاً. ذلك لأن هناك فرقاً كبيراً بين غزوِ هاتينِ الدولتينِ وغزوِ العراق. فقد كانَ غزوُ اليابانِ وألمانيا لحسمِ الحربِ والانتصارِ العسكريِّ، فانتهتْ الحربُ بانتصارِ الصهيونيةِ العالميةِ، وإخضاعِ الدولتينِ لها دونَ تغييرٍ كبيرٍ في النظامِ السياسيِّ لأيٍّ منهما. أما غَزوُ العراقِ فلمْ يكن لحسمِ حربٍ والانتصارِ العسكريِّ على العراق، والذي لم يكن عام 2003 ليشكلَ خطراً على أضعفِ جيرانهِ فكيفَ كان خطراً عسكرياً على الصهيونيةِ العالميةِ. لقد غُزيَ العراقُ للهدفِ المعلنِ، وهو “تغييرُ النظام”، وهذا يعني المجيءُ بنظامٍ سياسيٍّ جديدٍ يلائمُ مصلحةَ الصهيونيةِ العالمية.
ولن اتحدثَ عما فعلتهُ الصهيونيةُ العالميةُ التي غزتْ العراقَ عام 2003 ، بهدفِ تحويلِ العراقِ من بلدٍ عربيٍّ شبهِ اشتراكي، إلى بلدٍ صهيونيٍّ شبهِ رأسمالي، ذلك لأن هذا موضوعٌ ساهمتُ فيه بكتابينِ، ولن يكفيَهُ مقالٌ أو عدةُ مقالاتٍ. لكن ما أنا بصددهِ هنا أمران، أولُهُما: من هُمْ أدواتُ هذا الغزوِ من العراقيين، وثانيهما: ما الذي أسسَ له الغزوُ مما سيصعُبُ تغييرُه؟