إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟
قل: بالأصالة عن نفسي والوَكالة كالأصالة
ولا تقل: الإصالة (عن نفسي)
وذلك لأن “الأصالة” مصدر الفعل “أصل يأصل” وهو من أفعال الغرائز واشباهها فينبغي أن يكون مصدره على وزن “فَعالة”. قال الجوهري في الصحاح “ورجل أصيل الرأي أي محكم الرأي وقد أصل أصالة مثل ضخم ضَخامة ومجد اصيل اي ذو أصالة”. وجاء في مختار الصحاح “وقد أصُل من باب ظَرُف ومجد اصيل: ذو أصالة”.
وورد في لسان العرب: “أصُلَ الشيء: صار ذا أصل. قال أمية الهذلي:
وما الشُّغْلُ إِلا أَنَّني مُتَهَيِّبٌ لعِرْضِكَ ما لم تجْعَلِ الشيءَ يَأْصُلُ
ويقال إِنَّ النخلَ بأَرضِنا لأَصِيلٌ أَي هو به لا يزال ولا يَفْنى. ورجل أَصيِل: له أَصْل. ورَأْيٌ أَصيل: له أَصل. ورجل أَصيل: ثابت الرأْي عاقل. وقد أَصُل أَصالة، مثل ضَخُم ضَخامة، وفلان أَصِيلُ الرأْي وقد أَصُل رأْيُه أَصالة، وإِنه لأَصِيل الرأْي والعقل. ومجد أَصِيل أَي ذو أَصالة”. إنتهى
وفذلكة القول أن “الأصالة” مفتوحة الهمزة لا مكسورتها وأنها مصدر أصُل يأصُل وهو من أوزان الثلاثي المجرد لازم غير واقع، وهو عندي من أوزان المجرد الحديثة ابتدعته العرب ليعبر عن نشوء الغرائز والتغيرات الأصلية، كما اختارت “فعِل يفعَل” للتغيرات الظاهرة نحو “عطِش يعطَشُ وفرِح يفرَح”. وإنما حكمت بحداثة هذين الوزنين لأن الأصل في الأفعال التعدي بسبب أن حربة الحي التعدي على غيره، وهو قانون الأحياء العام. ولما احتاجت الإنسانية المتمدنة الى الفعل اللازم اخترعت هذين الوزنين ووضعت على الأول ضمتين لماضيه ضمة ولمضارعه ضمة، وأمره شبيه بالمعدوم لأن الغرائز لا يؤمر بها قديماً، فلا يقال “أشرف فلست شريفاً” و “اضخمي فلستِ بضخمة” و “أعظم فلست عظيماً”، فإن ذلك لا يدخل في الإمكان، واختيار الضمة للماضي والمضارع من هذا الضرب اللازم من الأفعال يُبطل دعوى من ادعى من المعاصرين لنا أن الضمة تمثل الشدة أو الغلبة. فقل: أصالة ولا تقل: إصالة. ومثل الأصالة “الأداء” اسم مصدر “التأدية”. (م ج)
قل: قاسَوا عذاباً أليماً، وتمادَوا في سكوتهم، وسمَّوا أنفسهم شجعاناً
ولا تقل: قاسُوا عذاباُ، ولا تمادُوا في سكوتهم، ولا سمُّوا أنفسهم شجعاناً
هذه أمثلة من الخطأ في تصريف الأفعال يكررها كثير من المذيعين والخطباء والقارئين في المشرق والمغرب وطائفة من الناطقين بها وأمثالها، والسبب في ارتكاب مثل هذا الخطأ قلة العلم بتصريف الأفعال وضعف تعليمه وضآلة العناية به والنظر اليه نظر الإستهانة والإستخفاف مع أن الصرف، أو التصريف على التسمية الأخرى، من ضروريات العلم باللغة العربية في النطق بها والكتابة فيها. وقد يخفى الغلط الصرفي في الكتابة وينجو الكاتب من المؤاخذة عليه ولكنه يظهر في النطق ويبرز في اللفظ، فيقول قائلهم “قاسُوا عذاباُ أليماً، وتمادُوا في سكوتهم، وسمُّوا أنفسهم شجعاناً” مع أن “قاسُوا” هذا فعل ثلاثي مصدره القياس، يقال: قاس الشيء وقاساه قياساً كلاهما وقاسوه كلهم. مع أن مُراد القائلين هو “قاسَوا” بفتح السين اي كابدوا وعانوا وتحملوا وهو مأخوذ من “قسا يقسو قسوة وقساوة” ولا صلة له بـ “قاس يقيس”. فالغلط في حركة واحدة وهي الفتحة قلب صورة الفعل وغيّر معناه تغييراً تاماً. واللغة العربية تتغير بتغير الحركات إذا كانت من أصل ثلاثي واحد فكيف الحال إذا أخرجها تغير الحركات من أصلها واصارها إلى أصل آخر، كما في قاسَوا وقاسُوا، وسمَّوا من الإسم وسمُّوا من السُّم؟ أو قلبها إلى صيغة أخرى من الأفعال؟
ورأس الخطأ في هذه الأوهام جهل تصريف الفعل المعتل وخاصة المعتل بالألف الظاهرة المنقلبة عن ياي أو واو، نحو “دعَوا و رمَوا وعانَوا ولاقَوا وتمادَوا وسمَّوا وسوّوا وعادَوا وغدَوا”، فالألف في مثل هذا تحذف وتبقى الفتحة دليلاً عليها نحو “عادى يعادي وعادوا يُعادون” فإذا أخطأنا في الحركة وقلنا: عادُوا لبيان العدوان صار بمعنى رجعوا وآبوا وتغير من العداوة الى العودة أي الرجوع والإياب وشتان ما بينهما. وإذا قلنا “لاقُوا” بمعنى “لقَوا” انقلب الفعل الماضي الى فعل أمر، وأنا أعجب أشد العجب ممن يكتب باللغة العربية ولا يكلف نفسه معرفة المبادئ من قواعدها، والضروري من نحوها وصرفها، والدهر يأتي بالعجائب. (م ج)
قل: أخْفَوا القبيح وأظهروا الإحسانا (بفتح الفاء)
ولا تقل: اخْفُوا القبيح وأظهروا الإحسانا (بضم الفاء)
أرسل لي صديقي الشاعر والأديب، كعادته، بيتاً من الشعر يقول:
إن الكرام إذا تناقص ودهم
أخْفُوا القبيح وأظهروا الإحسانا
ولم أكن قد سمعته من قبل، لكني ما أن قرأته حتى عرفت الخلل فيه فكتبت لصاحبي متسائلاً عن قائله. فرد علي أنه يجهل القائل لكنه يحسبه من الشعر القديم، فأجبته أني لا أعتقد أنه قديم لأن فيه لحن والشعراء القدماء لا يلحنون كثيرا.
ذلك لأن البيت من بحر الكامل وهو متفاعلن ست مرات. وقد وجد قائل البيت ان عليه أن يقول “أخْفُوا القبيحَ” بضم الفاء كي يستقيم الوزن. لكنه في قوله هذا وقع في الخطأ نفسه الذي أشار اليه مصطفى جواد في الجهل بتصريف الأفعال. ذلك لأن الفعل “اخْفُوا” هو فعل الأمر من “أخفى”. أما ماضي الفعل ألذي أراده قائل البيت فهو “أخْفَوا” (بفتح الفاء). لكن القائل لو استعمل التصريف الصحيح للفعل لخرج عن البحر وسليم الإيقاع الشعري الذي تستسيغه الأذن العربية السليمة. ومثل أخفى أخفَوا، أعطى أعطَوا، وأبقى أبقَوا، وأوفى أوفَوا.
قل:إشتريت غِسْلاً جديداً لشعري
ولا تقل: إشتريت شامبو جديداً لشعري
وشاع في عصرنا هذا إستعمال الدخيل على العربية في كل مرافق الحياة. ومن ذلك إستعمال كلمة “شامبو” لمادة غسل الشعر. فهل يعقل أن العرب لم تكن لديهم كلمة تدل على ما يستعمل لغسل الشعر حتى نحتاج لما جاءت به لغات الأعاجم؟
فقد كتب إبن قتيبة: و ” الغَسْلُ ” مصدرُ غَسَلْت، و ” الغِسْلُ ” الخِطْمِيُّ وكلُّ ما غُسِل به الرَّأسُ، و ” الغُسْلُ ” بالضم – الماء الذي يُغْتَسَل به.
وكتب الكسائي: ” وتقول: غسلت رأسي بِخِطميِّ بكسر الخاء وعندي غِسلة بكسر الغين. قال علقمة بن عبدة:
كأنَّ غِسلًة خِطْمِيٍّ بمشفَرِها في الخَدِّ منها وفي اللَّحيينِ تَلغِيمُ
وتقول للرجل: إمض راشداً أنقى الله غِسلَك لأن الغسل هو الخطمي”.
وكتب الحريري: “ويقولون لما يغسل به الرأس: غَسلة بفتح الغين، فيخطئون فيه لأن الغَسلة بالفتح كناية عن المرة الواحدة من الغسل، فأما الغسول فهو الغِسلة بكسر الغين، وعليه قول علقمة ابن عبدة:
كأن غسلة خطمي بمشفرها في الخد منها وفي اللحيين تلغيم
وأما الغَسل فمصدر غسلت والاسم منه الغُسل بضم الغين، وأما الغسلين فهو ما يسيل من صديد أهل النار. وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كل ما في القرآن قد علمته إلا أربعة أحرف: لا أدري ما الأواه، والحنان – مخففة – والغسلين، والرقيم، وقد فسرها غيره، فقال: الحنان الرحمة، ومنه قولهم: حنانيك، أي رحمة منك بعد رحمة، وقالوا: ألأواه الكثير التأوه من الذنوب. وقيل إنه المتضرع في الدعاء، وقيل فيه: إنه المؤمن الموقن ، وفسر الغسلين على ما بيناه.
وقيل في الرقيم إنه القرية التي خرج منها أهل الكهف، وقيل: بل هو اسم الكلب، وقيل: بل هو الوادي الذي فيه أهل الكهف. وذكر الفراء أنه لوح من رصاص، كتب فيه أسماؤهم وأنسابهم.”
قل: أحطت بالأمر أو أعلمته الأمر
ولا تقل: أحطته علماً بالأمر
كتب إبراهيم اليازجي: “ويقولون أحطته علماً بالأمر أي أنهيته اليه وأعلمته به فيجعلون هذا الفعل متعدياً وهو لا يكون إلا لازماً يقال أحطت بالأمر وأحطت به علماً لم يسمع في غير ذلك”. إنتهى
وكتب إبن منظور في لسان العرب: “وأَحاطَ بالأَمر إِذا أَحْدَقَ به من جَوانِبِه كلِّه. وقوله تعالى: واللّه من ورائهم مُحِيطٌ؛ أَي لا يُعْجِزُه أَحَدٌ قدرته مشتملة عليهم.. وأَحاطَ به: عَلِمَه وأَحاطَ به عِلْماً.”
قل: أحاطوا الكتمان بالمحادثات وينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات
ولا تقل: أحاطوا المحادثات بالكتمان وينبغي إحاطتهم المحادثات به
وذلك لأن معنى “أحاط الشيء بغيره” وإحاطته إياه بغيره هو جعله له كالحائط والحظار والسور والجدار. ومن البديهي أن “أحاط” الرباعي المستعمل غالباً للأذى مأخوذ من الثلاثي “حاط” المستعمل غالباً للخير. يقال: حاطه يحوطه حوطاً وحيطةً وحِياطةً” أي حفِظه وصانه وحماه، ومنه الحائط وهو بمعنى الحافظ، وتطور اللغة يُشعر بأن اصل حاطه هو حاط به، كما أن اصل “حَفَّه يحِفَّه” هو حَفَّ به وكلاهما فصيح أي حفَّه وحفَّ به.
فحذف الباء من حاط به قديماً لم يغن أفعل الرباعي عن استصحاب الباء، فقالوا “أحاط به” والمفعول مقدر والتقدير “أحاط الشيء به” أي جعله له كالحائط وحذف المفعول من جملة الفعل، لا يدل على أن الفعل لازم، ولو كان هذا الحذف شبيهاً بالدائم كمثل صبر وكفَّ ودافع غريمه وحامى خصمه وعدوه، وعلى هذا يكون الأصل في الجملة المذكورة آنفاً “حاط الكتمان بالمحادثات وحوط الكتمان بالمحادثات”. فإذا أدخلنا همزة التعدية الثانية قلنا: أحاط فلان الكتمان بالمحادثات وينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات” . أما “أحاطوا المحادثات بالكتمان” فمعنى ذلك أن المحادثات صارت كالحائط للكتمان وليس ذلك المراد بل هو عكس المراد.
فقل: أحاطوا الكتمان بالمحادثات وينبغي إحاطتهم الكتمان بالمحادثات.
جاء في نهج البلاغة “أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال ووقت لكم الآجال وألبسكم الرياش وأرفع لكم المعاش وأحاط بكم الإحصاء” أي جعل الإحصاء من حولكم، والإحصاء في هذه العبارة كالكتمان في تلك العبارة. وجاء في الدعاء المرفوع: “اللهم من أراد بنا سوءً فأحط به ذلك السوء كإحاطة القلائد بترائب الولائد”. (م ج)
قل: فالدولة تسير في تعامــلها مع مواطنيها على المستوى الداخلي….
ولا تقل: فالدولة في تعامــلها مع مواطنيها على المستوى الداخلي، تسير….
وشاع في الإعلام العربي المعاصر نقل الخبر عن الإنكليزية والفرنسية بترجمة نصية دون أخذ قواعد العربية في الحسبان. وتجاوز الأمر حدود الترجمة إلى التفكير بلغة أعجمية فأصبح الإعلامي العربي بوعي أو بدون وعي يصوغ الخبر وكأنه يفكر بلغة أوربية.
وكتب العالم اللغوي الدكتور إبراهيم السامرائي مقالاً يبحث في ألفاظ وتراكيب شاعت في لغة الصحافة المعاصرة في المشرق العربي. وأظهر تعاطفاً في قبول بعض التراكيب والألفاظ التي شاعت في الصحافة وسوغ ذلك أن هذه الإستعمالات الجديدة تخطت الصحافة فدخلت الإستعمال في “العلوم الاجتماعية عامة كالجغرافية والتاريخ والاجتماع والاقتصاد وغير هذا. ولا تعدم أن تجد لمادة هذه اللغة حضوراً في الأدب الجديد من شعر وقصة ونحو هذا.” وعرض السامرائي طائفة من هذه النماذج اللغوية وعلق عليها كما يرى. وقد أخذت اليوم هذه النموذج.
فكتب السامرائي: “قرأت وأنا في صنعاء صحفاً يمنية وأخرى مصرية ولبنانية وعراقية فوجدت في بعضها مَن قال:
(( ……. فالدولة في تعامــلها مع مواطنيها على المستوى الداخلي أولاً، وفي تعاملــها مع الغــير على المستوى الخارجي، تسير … )) .
أقول: إن من خصائص هذه اللغة المتأثرة باللغات الأعجمية من إنكليزية أو غيرها، طول الجمل بحيث يأتي ما ندعوه المسند إليه في ابتداء الكلام، ولكنك لا تظفر بالمسند الذي يتم به المعنى إلا بعد كلام طويل، وقد يتجاوز هذا المعترض في طوله حداً يكاد القارئ فيه ينسى أول الجملة.
ثم إن (( التعــامل )) مصدر الفــعل (( تعامل )) قد استعير من حيز الاقتصاد في دلالته في البيع والشراء إلى هذا الحيز الجديد. و(( المستوى ))، وهو كلمة عربية قد وصلوا إليها لتؤدّي ما تؤديه كلمة أجنبية في الانكليزية أو الفرنسية بمعناها، ووصف (( المستوى )) بالداخلي أو الخارجي كله مما يصادفه الذي يقرأ الصحف الأجنبية.” إنتهى
ورغم إن الدكتور السامرائي لم يقترح رفض هذا الإستعمال لرغبته الصادقة في دراسة هذه اللغة الجديدة من كل جوانبها إلا أنه لا يخفى على القارئ الخطر الذي يترتب على التفكير والصياغة بلغة أعجمية. ولعل قول السامرائي بأن هذا الأسلوب المطابق لقواعد الصياغة في اللغة الإنكليزية يجعل القارئ ينسى أول الجملة حين يكون بين المسند إليه والمسند، وهما عمودا الجملة العربية، معترض طويل يجعل القارئ يعود لأول الجملة كي يتذكر ما هو المسند إليه.
قل: هذا التصريح فتح آفاقاً للتفاهم
ولا تقل: هذا التصريح فتح آفاق َ للتفاهم
وكتب عبد الهادي بوطالب: أصبح شائعا على الألسنة في لغة الإعلام: “وهذا التصريح فتح آفاقَ للتفاهم”. و”هناك أشياءُ أخرى”، وأسماءُ تُذْكَر”. و”مَردُّ هذا لأسبابَ أخرى”. “وتقدم المحلِّل بآراءَ جَيِّدة”. و”قد تمَّ هذا في أجواءَ غير عادية”. “ولأغراضَ خاصة”.
والصواب فتْح هذه الكلمات وتنوينها، وأن نقول: لأسبابٍ أخرى، وتقدم المحلل بآراءٍ جيدة، وتم هذا في أجواءٍ غير عادية، ولأغراضٍ خاصة.
ونقول ألفاظٌ، وأعمالٌ، وأوزانٌ، وأشعارٌ، وأولادٌ في حالة الرفع – ونفتح آخر هذه الكلمات مع التنوين في حالة النصب، ونكسر آخرها مع تنوينه في حالة الكسر: مثال: أوزاناً، وأوزانٍ.
إن الجمع لا يُمنع من الصرف إلا إذا كان على وزن أفاعل (أفاضل) أو وزن فعائِل (منائر) أو وزن مَفاعِل (مدارس) أو فواعِل (شوارع) أو أفاعِيل (أناشيد) أو مَفاعيل (مصابيح) أو فعاليل (عصافير) أو فواعِيل (نواعير). وحينئذ لا يحمل التنوين ولا الكسرة في حالة الجر.
أما وزن أفعال فيبقى مصروفا بالتنوين. وتدخل على آخره الضمة في حالة الرفع، والفتحة في حالة النصب، والكسرة في حالة الجر.
جاء في القرآن الكريم : “إن هي إلا أسماءٌ سميتموها” وجاء أيضا، “ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله”. وأيضا: “وأتوا على قوم يعكِفون على أصنامٍ لهم”.
وجاءت صيغ منتهى الجموع ممنوعةً من الصرف في القرآن: “ولي فيها مآربُ أخرى”. وتتخذون مصانعَ لعلكم تخلُدون”. “وأرسل عليهم طيرا أبابيلَ ترميهم بحجارة من سِجِّيل”. وأيضا: “يعملون له ما يشاء من محاريبَ وتماثيلَ” بدون تنوين في آخر كلمات أبابيل، ومحاريب، وتماثيل، وبفتح آخر الكلمتين محاريب وتماثيل وفتحه بدلا من كسره، لأن حالة المنع من الصرف تنوب فيها الفتحة عن الكسرة.
وجاء في شعر المتنبي قوله:
كيف الرجاءُ من الخطوب تخلُّصا
من بَعدِ ما أَنشَبْنَ فيَّ مَخالِبَا
ونصبنني غرض الرُّماة تُصيبني
مِحَن أشدُّ من السيوف مَضَارِبَا
لكن إذا أُدخل على هذه الأوزان أل للتعريف، أو أضيفت إلى معرَّف بأَلْ تصبح مصروفة تُرفع بالضمة وتُنصب بالفتحة وتُجَرُّ بالكسرة بدون تنوين.
فنقول : ذهبت إلى المدارسِ، وصلَّيت في المساجدِ، وطفت على مدارسِ التعليم، وصليت في مساجدِ المدينة بكسر الحرف الأخير في جميع هذه الكلمات.
ونقول توصلت برسائلَ (بفتح اللام بدلا عن الكسرة). ولكن نقول توصلت برسائلِ الاستدعاء بكسر اللام بسبب الإضافة.
ومن الأخطاء التي يقع فيها الإعلام كلمة جرائم. فيقول البعض “وسيُدان ميلوسوفتش بجرائمَ حربٍ”، والصواب كسر الميم (بجرائم)، لأن الكلمة أضيفت إلى حرب. لكن عندما لا تضاف ولا تعرَّف بأل تُمنع من الصرف وتنوب الفتحة عن الكسرة فنقول: “حكام إسرائيل مسؤولون عن جرائمَ ارتكبوها ضد شعب فلسطين”.
وللحديث صلة….
عبد الحق العاني
23 نيسان 2014