قل: الجنود المرتزِقة والجنود المرتزِقون وهؤلاء المرتزِقة وهؤلاء المرتزِقون (بكسر الزاي)
ولا تقل: المرتزَقة ولا المرتزَقون (بفتح الزاي)
وذلك لأن الفعل “ارتزق” يأتي على وجهين، أحدهما وجه اللزوم وهو باب “افتعل” الذي بمعنى اتخذ لنفسه أصل الفعل أي اتخذ لنفسه رزقا، فيكون “ارتزق فلان” بمعنى أصاب رزقاً أو نال رزقاً أو جعل لنفسه رزقاً. فهو مثل “اقتدر” أي اتخذ طبيخاً في قدر. والوجه الآخر وجه التعدي وهو “ارتزقه” أي افتعله بمعنى طلب منه أصل الفعل وهو الرزق فيكون “ارتزقه” بمعنى طلب منه رزقاً، مثل “اختدمه” أي طلب منه خادماُ.
قال الجوهري في الصحاح “الرَّزقة” بالفتح المرة الواحدة والجمع “الرَّزقات” وهي أطماع الجنود وارتزق الجند أي أخذوا أرزاقهم”.
وقال ناصر المطرزي في معجمه (المُغرب في ترتيب المعرب”: “الرزق ما يخرج للجند عند رأس كل شهر وقيل يوما بيوم، والمرتزِقة: الذين يأخذون الرزق، وان لم يثبتوا في الديوان”.
وقال الفيومي في المصباح المنير: “رَزَقَ اللهُ الخلقَ يرزقهم… وارتزق القوم: أخذوا أرزاقهم فهم مرتزِقة”.
وجاء في لسان العرب: “يقال: رزق الخلق رَزقاُ ورِزقا… وارتزقه واسترزقه: طلب منه الرزق… وارتزق الجند: أخذوا أرزاقهم… ورزق الأمير جنده فارتزقوا ارتزاقاُ ويقال: رُزق الجند رَزقةً واحدةً لا غير ورزقوا رزقتين أي مرتين”.
ومما نقلنا يظهر الخطأ في قولهم: مرتزَقة بفتح الزاي لأن المرتزَق هو المطلوب منه الرزق أي الذي يعطي الرزق أي الرازق، مع أن المراد هو العكس، اي طالب الرزق وآخذه. فالصواب كسر الزاي فقل: المرتزِقة والمرتزِق ولا تقل: المرتزَقة والمرتزَق للمعنى المراد. (م ج)
قل: هذا الحزب محلول وهذه الجمعية محلولة (إذا كانا قد نسخ قيامها بأمر آمر وقهر قاهر من غير أعضائها)
ولا تقل: هذا الحزب منحل وهذه الجمعية منحلة (إذا كان قد بطل قيامهما وزال قوامهما من تلقاء أنفسهما).
والسبب في ذلك أن وزن “انفعل” في اللغة العربية يمثل رغبة الفاعل في الفعل، إرادية كانت أو طبيعية، كما قلنا نحو “انطلق فلان وانصرف وانحاز وانضم وانهوى” ومن ذلك “انقشع الغيم، وانجاب السحاب، وانكشف الظلام، وانكسر الغصن، وانداح الشيء”. وكذلك ما جرى مجرى انفعل من الأفعال الأخرى كتفعل اللازم نحو “تدلى الغصن، وتولى فلان هارباً، وتدنى وتعلى وتثنى وتغنجت فلانه وتزينت وتبرجت وتحلت وتدللت” وقد مر في دحر.
وهذا من الأمور التي يثبتها ويؤكدها الواقع اللغوي، ويُحمل الحمقُ والجهلُ أحيانا محمل العقل، في هذا المعنى من باب حمل الضد على الضد مثال ذلك “انخنقت الشاة”، قال الجوهري في الصحاح: “واننحنقت الشاة بنفسها فهي منخنقة”، وزاد في لسان العرب “فأما الإنحناق فهو انعصار الخناق في خنقه، والإختناق فعله بنفسه”. وقال الجوهري في ج ب ر: “وجبرَ العظمُ بنفسه أي انجبر”، فسَّر الفعل الذي قام به الفاعل في نفسه، بوزن انفعل وقال أي انجبر.
وهذا الوزن انفعل موجود في اللغة الأكدية، وهي لغة سامية من أخوات اللغة العربية، إلا أنه جاء بصورة “إفعَّل” ثم استثقل التشديد في العربية فأبدل أحد الضعفين نونا، لأن النون من الحروف الخفيفة ولذلك اختير للتنوين التنكيري وغيره من التناوين. ألا ترى أن القدماء قالوا “قبَّرة و قُنبرة” بابدال النون من الباء، وهي أحد الضعفين ولولا أن وجود الضعفين معا في الفعل ضروري لإفادة معاني التضعيف لأبدل أحد الضعفين نوناً في أفعال كثيرة. وهو ظاهر في اللغة العامية كقولهم “جندله لجدَّله” و “خنطل لخطَّل” و “صنقر لصقَّر”. أما الإبدال في الأسماء عند العوام فكثير كما عند الفصحاء “كالدنبوس للدبوس” و “العنجور للعجور” و “الزبارة للزمارة” و “الإنجاص للأجاص” و الأترنج للأترج”. (م ج)
قل: ما زرته قط ولن أزوره أبداً
ولا تقل: ما زرته أبداً ولا لن أزوره قط
ذلك “أن أبداً ظرف زمان لإستغراق المستقبل فلا يجوز استعمالها للدلالة على الماضي”. “فالصواب أن نستخدم للمثال الأول الظرف قط لأنه ظرف زمان لإستغراق الماضي”.
“يقول المولى عز وجل “ولن يتمنوه ابداُ بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين”، ويقول “إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولم تفلحوا إذا أبدا”. فالآيتان تدلان على نفي الفعل بلن في المستقبل”
“ويقول حسان بن ثابت:
وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
فهو قد أراد ظرفاً يعبر به عن النفي في الماضي فاستعمل “قط”.
تختص قط بالنفي فلا ترد مثبتة لكن يدخل عليها الإستفهام، أما أبداً فتستعمل مع النفي كقوله تعالى “إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها”، ومع الإثبات كقوله تعالى “فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً”. ولا يسبقها الفعل الماضي إلا إذا كان ممتداً الى المستقبل كقوله تعالى “وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده” ” ( خ ع)
قل: كان الحاكم جبَاراً ذا حكم جبَاري
ولا تقل: كان دكتاتوراً وكان حكمه دكتاتورياً
وذلك لأن كلمة “جبَار” العربية تقابل كلمة “دكتاتور” في اللغات الإفرنجية، قال الله تعالى في سورة هود “وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبَار عنيد”. وقال تعالى في سورة ق: “نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليه بجبَار”.
والكتاتور هو الآمر الذي لا معقب لأمره وكذلك الجبار وبه وصف الله تعالى نفسه في قوله: “هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر”. قال في لسان العرب: “الجبار: الله عز اسمه، القاهر خلقه على ما أراد من أمر ونهي…. قال الأزهري: جعل ابن الأنباري جبَاراً في صفة الله تعالى أو في صفة العباد من الإجبار وهو القهر والإكراه لا من جَبَرَ”. ثم قال صاحب اللسان: “وقيل كل عات جبَار وجبّير” وقلب جبَار لا تدخله الرحمة، وقلب جبَار ذو كبر لا يقبل موعظة ورجل جبَار: مسلَطٌ قاهر، قال تعالى: وما أنت عليهم بجبار أي بمسلَط فتقهرهم على الإسلام. والجبار الذي يقتل على الغضب والجبار القتَال في غير حق، وفي التنزيل العزيز: “وإذا بطشتم بطشتم جبارين”، وكذلك قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: “إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض” أي قتَالاً في غير الحق وكله راجع الى معنى التكبر، إنتهى المراد نقله في اللسان.
فالجبار فيه معنى الدكتاتور وأكثر منه والحكم الجباري فيه معنى الحكم الدكتاتوري وأكثر منه. والجبار والجباري أخف تلفظاً وأقل أحرفاً وأقصر لفظاً من الدكتاتور والدكتاتوري.
والدكتاتور كلمة رومية أي لاتينية كانت تطلق على القضاة الحكام في رومة في أحوال عصيبة أو خاصة ومرتبكة وكان لمجلس الأعيان الرومي قدرة على نزع الجمهورية من الشعب باظهار دكتاتور واسناد الحكم اليه وقتياً، لا تزيد مدته على ستة أشهر، يكون في أثنائها غير مسؤول عن تبعة أعماله وله أن يفعل كل ما يشاء مما يراه جالباً للمنفعة العامة ومن الدكتاتوريين المشهورين أي الجبارين المشاهير “سنسناتس” الرومي في القرن الخامس قبل الميلاد و “كاميل” الرومي أيضاً المتوفي سنة 390 قبل الميلاد، وقيصر الذي أخذ من اسمه قياصرة الروم وهو جول قيصر المقتول بمؤامرة مجلس لبشيوخ سنة 44 قبل الميلاد.
فكلمة دكتاتور ليست حديثة حتى يقال: لا يترجم الحديث بالقديم ولا الجديد بالعتيق. (م ج)
قل هذا التوزيع السكاني لسورية
ولا تقل هذه الديموغرافيا السورية
ذلك لأن كلمة “ديموغرافيا”، والتي دخلت اللغة الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر قبل أن تنتقل إلى اللغة الإنكليزية ثم لينتشر استعمالها بعد ذلك في عدد من اللغات، هي كلمة مركبة من كلمتين إغريقيتين وهما “ديموس” وتعني الناس وكلمة “غرافيا” وتعني الكتابة أو الوصف.
وقد عرفت “الديموغرافيا” عند إستعمالها على أنها الدراسة الإحصائية للتوزيع السكاني بما في ذلك حجم وكثافة التوزيع.
أليست عبارة “التوزيع السكاني” مجزية للمعنى الذي اصطلح عليه الأوربيون عند تركيبهم للكلمة؟ ثم لماذا نحتاج أن نستعمل كلمة يحتاج فيها العربي لمن يشرح له معناها إذا كانت هناك عبارة عربية تعطيه المعنى دون الحاجة لشارح لها. ذلك لأن الحكمة من اللغة هي أن توقع الكلمة أو العبارة أثراً مباشرا في أذن السامع أو القارئ دون حاجة لشرح إن أمكن. (ع ع)
قل: استبدلت الشيء الجديد بالشيء القديم الذي عندي
ولا تقل: استبدلت الشيء القديم الذي عندي بالشيء الجديد
وذلك لأن الإستبدال يجب أن يقع على الشيء المأخوذ عوضاً عن الشيء المعطى. قال تعالى “أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير” فالشيء الذي هو خيركان عندهم فهو القديم بالنسبة اليهم والذي هو أدنى لم يكن عندهم فهو جديد بالإضافة اليهم، فهم أرادوا استبدال الشيء الرديء بالشيء الجيد الذي كان عندهم فعيب عليهم ذلك واستنكر استنكارا. والتقديم والتأخير في التعبير لا يؤثران في وجوب ادخال باء البدل على الشيء المعطى. فتقول: “استبدلت دكاناً بداري واستبدلت بداري دكاناً فهما سواء، ما دامت الباء البدلية داخلة على الشيء المعطى للتعويض. وإذا عسر عليك استعمال الفعل “استبدل” فاحسبه مثل اشترى تقول “اشتريت دكاناً بألف دينار”. ولذلك كان من الخطأ قولهم: “استبدلنا العرصة الوقفية الفلانية بالنقود. والصواب “استبدلنا النقود بالعرصة الفلانية” أو “استبدلنا بالعرصة الفلانية نقوداً”.
ويجوز وضع كلمة “مكان” موضع ااباء البدلية. تقول “استبدلت دكاناً مكان داري” و “استبدلت مكان داري دكاناً”، ومنه قوله تعالى في سورة النساء “وان لأردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً” فازوجة الأولى هي الجديدة والزوجة الثانية هي المطلقة. ويستتععمل الفعل “تبدل” كاستبدل، قال تعالى “وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب”، فالخبيث هو الجديد والطيب هو القديم. (م ج)
وللحديث صلة….
عبد الحق العاني
21 حزيران 2013