ماذا يريد الأخوان المسلمون؟
لا تختلف حركة حماس عن أية حركة اسلامية في العالم العربي، باستثناء حزب الله وحركة الجهاد الإسلامي، (ولأسباب ليس هذا موضع بحثها) في أنها جميعا ليس لديها مشروع سياسي لبناء دولة وإنما همها الوحيد هو السلطة وكيفية الوصول اليها والاحتفاظ بها.. لنمثل على ذلك بأم الحركات الإسلامية وهي حركة الإخوان المسلمين في مصر والتي بدأت عملها السياسي الحقيقي بالتآمر على أكرم من أنجبته مصر في عصرها الحديث في شخص الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحاولت اغتياله ثم تحالفت مع الشيطان لتصل الى الحكم ثم وصلت دون أن تقول لأحد ما هي الدولة التي تنوي بناءها، وسوف تخرج من الحكم بالسرعة التي دخلتها للسبب ذاته وهو أنها ليس لديها مشروع دولة وإنما مشروع سلطة فقط..
ثم لننظر الى حركة الإخوان المسلمين في العراق والتي تحالفت مع البريطانيين ضد عبد الكريم قاسم ومع الأمريكيين ضد حكم البعث وجاءت للعراق مع الدبابة الأمريكية لتقتسم حكم اللصوص والخونة فيه..
وهذه حركة الإخوان المسلمين في سوريا والتي تمتاز عن الحركات الأخرى بعنفها ودمويتها…. تقتل وتخرب منذ ثمانينات القرن الماضي وهي تعلن على رؤوس الشهاد أنها ستدخل في سلام مع إسرائيل وتتحالف مع الإستكبار الأمريكي وكان العرب البائسين هم الذين اختاروا الحرب مع اسرائيل وأمركيا ولم تفرض عليهم فرضاً وبذل!
وحتى لا نضيع في عرض كارثة الإخوان المسلمين في العالم..والتي ذهب بعضهم للحديث عن إقامة خلافة إسلامية وتنفيذ حكم الله في الأرض وكأنهم يعرفون ما هو حكم الله فيها، نعود لحركة حماس وهي هدف هذا المقال…فنقول إن حركة حماس نشأت بشكل أساس في غزة والتي تتميز في أنها بقعة الأرض التي فيها أكبر كثافة للاجئين في العالم. وليس غريباً أنه في ظل هذه الكثافة من المحرومين والمضطهدين أن يتقبل الشباب الذي لايجد أي شيء يفعله في هذه البقعة الضيقة سوى أن يلتجأ للدين وأن يستمع للنصح والحديث عن عصر ذهبي أيام السلف الصالح ثم ينضم لهذا التيار الذي وعده باحدى الحسنيين أمام فشل ياسر عرفات ومجموعته المعروفة في تقديم أي جهد نضالي حقيقي خلال أربعين عاماً من المؤتمرات واللغو والخطب التي لم تقتل ذبابة كما قال عنها نزار قباني!
هكذا وجدت حركة حماس جمهورها الذي كان مستعداً لأي شيء لأن ذلك الجمهور الضائع تخيل أن أي شيء يحدث سيكون أفضل مما كان عليه… فانتظموا وقاتلوا واستشهدوا.
حماقة حماس في طلب السلطة
فما حدث بعد ذلك؟ ارتكبت حماس أول حماقاتها السياسية وكشفت عن عورتها في جهلها لمفهوم الثورة وممارسة السياسة حين طلبت السلطة في غزة وحصلت عليها…. وقد يسأل سائل عن الخلل في هذا العمل. والجواب يبدو من نظرة واحدة على التناقض القائم بين ما ترفعه حماس من أهداف وما وضعت نفسها فيه…
فحماس تعلن أن هدفها تحرير كل فلسطين، لكن الذي يريد أن يحرر فلسطين لا يمكن أن يفاوض المغتصب لأرض فلسطين فهناك تناقض في الوجودين.. فنحن نفهم إن يكون عباس وفياض ومن لف لفهم من قريع وقريعات وغيرهم على استعداد للتفاوض مع الصهاينة للحصول على قطعة أرض صغيرة تسمى دولة فترفع علماً مهلهلاً وتجمع الأزبال وتقتسم الهبات، لكن هذا لا علاقة له بتحرير الأرض أو باسترداد كرامة أمة… فكيف تريد حماس أن يفهم المتفرج أنها تريد تحرير فلسطين، كل فلسطين، ثم تصر على حكم غزة دون أن تدخل في أي تفاوض مع عدوها؟ فغزة قطعة أرض مطوقة من قبل العدو من كل جهة ويتحكم الصهاينة بكل مداخلها وساحلها وجوها ويتحكمون بمائها وكهربائها اي أن غزة لا تعيش إلا إذا أراد لها الصهاينة أن تعيش فكيف سوف يسمح الصهانية لحماس أن تحكم في الوقت الذي تعلن نيتها في إزالة الصهاينة وهم سادة الموقف… إن من قبيل الغباوة أو الإستغباء أن يعتقد قادة حماس أنهم قادرون على لعب هذا الدور المستحيل في الإحتفاظ بغزة وهم يعلنون نيتهم في إزالة دولة إسرائيل. لقد كان المنطق الثوري يقضي بأن لا يدخلو عملية السلطة حتى تحرير الأرض، كل الإرض، إن استطاعوا فإن لم يستطيعوا فليموتوا وهم يقاتلون… كان على حماس أن تترك السطة يديرها موظفو عباس وهم كتبة في الديوان الصهيوني بينما تنصرف حماس للنضال الحقيقي من أجل التحرير وهو ما فعله قادة الجهاد الإسلامي الذين صدقوا في ثورتهم سراً وعلانية…وقد تبين خطل سياسة حماس في دعوتها للتهدئة يوماً وبالتصدي يوماً آخر فهي ملزمة حين تمسك بالسلطة، وإن كانت سلطة وهمية، أن تتعامل مع الواقع العربي والدولي الذي يفرض عليها معادلات معينة لا تنتظم مع مشروع التحرير بحكم كون النظام العربي السياسي القائم بجملته موالياً للإستكبار الأمريكي وهو بهذا لا بد أن يضع ضوابط على كل تحرك لحماس.. إن الثورة الحقيقية لا يمكن أن تستلم السلطة إلا وهي حرة فالسلطة تصبح عبئاً في ظل عبودية الإحتلال.
هكذا فشلت حماس في استلامها للسلطة في غزة، وهكذا فشلت حماس في أن تقدم للمواطن الفلسطيني المسحوق أي أمل في أي شيء فقد وعدته بالكثير ولم تحقق له أي شيء وبدأ الفلسطيني في غزة يفقد الأمل بحماس ووعودها.. ذلك لأن مشروعها في حكم غزة وتأمين حياة بالحدود الدنيا من الكرامة للمواطنين مع احتفاظها كما تدعي بحقها في تحرير الأرض، كل الأرض، هما هدفان متناقضان لعدم إمكان الجمع بينهما. فإما أن تقوم حماس بتحقيق حد أدنى من مستلزمات الحياة في ظل ما يوافق عليه الإحتلال فتصبح بهذا مطابقة لفتح أو أن تختار الثورة المستمرة فتقاتل على كل مستوى وتترك السلطة لمن يريد أن يفاوض ويعقد الصفقات.
كيف تخلت حماس عن حليفها السوري؟
وقد وقع الإختبار الأكبر لحماس ومصداقيتها في قضية التحرير والمبادئ ليس في غزة ولا في فلسطين وإنما في سوريا..
فحين أرادت حماس أن تختار (ولم تكن مجبرة على ذلك بل اختارت أن تختار) بين الوقوف مع جبهة المعارضة والتصدي للصهيونية التي تمثلها سورية وحركة المقاومة اللبناينة التي يقودها حزب الله وحلفاؤه وحركة المقاومة الفلسطينية التي يمثلها الجهاد الإسلامي والبطل أحمد سعدات والجبهة الشعبية وفصائل فلسطينية أخرى أو الوقوف مع حركة الإخوان المسلمين في سورية المستسلمة للصهيونية أو المهادنة في أفضل حال، فإنها أي حركة حماس اختارت الثاني!
ولا بد لأي دارس للسياسة أو التأريخ أو متابع متفرج لا غير أن يسأل، كيف يمكن لحركة حماس أن تختار الوقوف مع حركة الإخوان المسلمين في سورية وهي تعلن صراحة أنها مستعدة للسلام مع الصهيوني المحتل في الوقت الذي تؤكد فيه حماس أنها تؤمن بالنضال المستمر من أجل تحرير فلسطين ، كل فلسطين؟
كما أن السؤال الذي لا يقل أهمية هو كيف يمكن لحماس أن تبقي على مصداقيتها في موضوع الثورة المستمرة حين تركت دمشق التي حمتها ورعتها عقود، ليس منة ولكن من باب الوقوف في خندق واحد، ولجأت الى قطر الحليف المعلن للإستكبار الأمريكي الصهيوني؟ أي بمعنى آخر كيف أصبحت الدوحة، وهي بؤرة النشاط المخابراتي الصهيوني والأمريكي والأوربي والآسيوي، أكثر أمناً لخالد مشعل من دمشق حيث كان مستهدفاً طيلة مكوثه فيها؟ ولعل من البديهي أن يكون السؤال: هل أن الدوحة أكثر أمناً من دمشق، أم أن مشروع خالد مشعل لم يعد يشكل تهديدا لأمن الصهوينة في السر أو العلن حتى لم يعد أمنه الشخصي وأمن من معه في الحركة – من المنافقين الذي سدوا اسماعنا لسنوات عن الصراع الدائم من أجل التحرير فلم يعودوا يظهرون اليوم على قنوات التصدي إما لأنهم لم يؤمنوا قط بما كانوا يقولون أو لأن المال القطري أكبر من الثورة الموهومة التي تحدثوا عنها- موضوعاً يشغل بال أحد أو يؤرق جهاز مخابرات كما كان يفعل حين كان في دمشق؟
هكذا كشفت حماس عن إفلاسها السياسي وعدمية الثورة عندها، ذلك لأن أغلب قادة حماس وأكثر المنتمين لها هم من رعاع هذا الأمة الذين يعتقدون أن الحل هو في إقامة شعائر الدين وكأن رب العزة حين أرسل الرسل ليبلغوا دعوته ربط مصير خلقه بإقامة الشعائر، فإذا كان كذلك فلا بد أنه رب بائس يبحث عما يلهي به نفسه “أم حسبتم أنا خلقناكم عبثاً وانكم الينا لا ترجعون”!
وهكذا فشلت حماس وهكذا سوف يفشل كل مشروع ديني يسير على هذا المسار وحين يكتشف المساكين من المسلمين زيف المشروع الذي يحمله الإخوان المسلمون في كل الوطن العربي فإنهم سوف ينفضون عنه أسرع مما التفوا حوله ولكن ذلك لن يكون إلا بعد دفع ضريبة غالية من الدم والتخلف عن ركب البشرية الماضي للأمام في الوقت الذي يمضي فيه ركب المسلمين للخلف..
يا بؤسكم!
لايصح الإيمان بأي معتقد دون الإيمان بالوطن والجهاد ضد أعدائه وأعداؤه هم الأمريكان ومن لف لفهم من الغرب الأوروبي والصهيونية والرجعية العربية وعلى رآسها السعودية .
فأين يقف خالد مشعل.؟؟؟؟؟؟؟…………..!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!………………………